فَإِنَّهُم حملُوا جثته إِلَى مراكش فدفنت بهَا قبلي جَامع الْمَنْصُور بروضة السعديين وقبره شهير بهَا إِلَى الْآن وَمِمَّا نقش على رخامة قَبره هَذِه الأبيات
(حَيّ ضريحا تغمدته رحمات ... وظلت لحده مِنْهَا غمامات)
(واستنشقن نفحة التَّقْدِيس مِنْهُ فقد ... هبت من الْخلد لي مِنْهَا نسيمات)
(بَحر بِهِ كورت شمس الْهدى فكست ... من أجلهَا السَّبْعَة الْأَرْضين ظلمات)
(يَا مهجة غالها غول الردى قنصا ... وأثبتت سهمها فِيهَا المنيات)
(دكت لموتك أطواد الْعلَا صعقا ... وَارْتجَّ من بعْدك السَّبع السَّمَوَات)
(وشيعت نَعشك المزجى إِلَى عدن ... من الملائك ألحان وأصوات)
(يَا رَحْمَة الله عاطيه سلاف رضَا ... تَدور مِنْهَا عَلَيْهِ الدَّهْر كاسات)
(قضى فَوَافَقَ فِي التَّارِيخ مِنْهُ حلى ... دَار إِمَام الْهدى الْمهْدي جنَّات)
بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ وَسيرَته
كَانَ السُّلْطَان أَبُو عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ يلقب من الألقاب السُّلْطَانِيَّة بالمهدي وَنَشَأ فِي عفاف وصيانة وعني بِالْعلمِ فِي صغره وَتعلق بأهدابه فَأخذ عَن جمَاعَة من الشُّيُوخ وَبلغ فِيهِ دَرَجَة الرسوخ حَتَّى كَانَ يُخَالف الْقُضَاة فِي الْأَحْكَام وَيرد عَلَيْهِم فتاويهم فيجدون الصَّوَاب مَعَه وَقع ذَلِك مِنْهُ مرَارًا وَله حواش على التَّفْسِير وَذَلِكَ مِمَّا يدل على غزارة علمه
وَقَالَ فِي الْمُنْتَقى كَانَ السُّلْطَان أَبُو عبد الله الشَّيْخ رَحمَه الله أديبا متفننا حَافِظًا حَدثنِي شَيخنَا أَبُو رَاشد أَنه كَانَ ممتع المجالسة والمذاكرة نقي الشيبة عَظِيم الهيبة مَا رَأَيْت بعد شَيْخي أبي الْحسن عَليّ بن هَارُون أحفظ مِنْهُ للمقطعات الشعرية وَكَثِيرًا مَا ينشد
(النَّاس كالناس وَالْأَيَّام وَاحِدَة ... والدهر كالدهر وَالدُّنْيَا لمن غلب)
وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ فهما جدا حَافظ لصحيح البُخَارِيّ ويستحضر مَا للنَّاس عَلَيْهِ وَيَقُول فِي شرح ابْن حجر مَا صنف فِي الْإِسْلَام مثله عَارِفًا بالتفسير وَغَيره وَكَانَ يحفظ ديوَان المتنبي عَن ظهر قلب وَكَانَ يحض على