الْخَبَر عَن دولة إِدْرِيس بن إِدْرِيس رَحمَه الله
كَانَت ولادَة إِدْرِيس بن إِدْرِيس بن عبد الله يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث رَجَب سنة سبع وَسبعين وَمِائَة فَكَفَلَهُ رَاشد مولى أَبِيه وَقَامَ بأَمْره أحسن قيام فَأَقْرَأهُ الْقُرْآن حَتَّى حفظه وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين ثمَّ علمه الحَدِيث وَالسّنة وَالْفِقْه فِي الدّين والعربية وَرَوَاهُ الشّعْر وأمثال الْعَرَب وَحكمهَا وأطلعه على سير الْمُلُوك وعرفه أَيَّام النَّاس ودربه على ركُوب الْخَيل وَالرَّمْي بِالسِّهَامِ وَغير ذَلِك من مكايد الْحَرْب فَلم يمض لَهُ من الْعُمر مِقْدَار إِحْدَى عشرَة سنة إِلَّا وَقد اضطلع بِمَا حمل وترشح لِلْأَمْرِ وَاسْتحق لِأَن يُبَايع فَبَايعهُ البربر وآتوه صفقتهم عَن طَاعَة مِنْهُم وإخلاص
قَالَ ابْن خلدون بَايع البربر إِدْرِيس الْأَصْغَر حملا ثمَّ رضيعا ثمَّ فصيلا إِلَى أَن شب فَبَايعُوهُ بِجَامِع مَدِينَة وليلى سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَهُوَ ابْن إِحْدَى عشرَة سنة
وَكَانَ إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب صَاحب إفريقية قد دس إِلَى بعض البربر الْأَمْوَال واستمالهم حَتَّى قتلوا راشدا مَوْلَاهُ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَة وحملوا إِلَيْهِ رَأسه وَقَامَ بكفالة إِدْرِيس من بعده أَبُو خَالِد يزِيد بن إلْيَاس الْعَبْدي وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن بَايعُوا لإدريس فَقَامُوا بأَمْره وجددوا لأَنْفُسِهِمْ رسوم الْملك بتجديد طَاعَته وَفِي القرطاس أَن مقتل رَاشد كَانَ فِي السّنة الَّتِي بُويِعَ فِيهَا إِدْرِيس بن إِدْرِيس قَالَ وَكَانَت بيعَة إِدْرِيس يَوْم الْجُمُعَة غرَّة ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَة بعد مقتل رَاشد بِعشْرين يَوْمًا وَإِدْرِيس يَوْمئِذٍ ابْن إِحْدَى عشرَة سنة وَخَمْسَة أشهر قَالَه عبد الْملك الْوراق فِي تَارِيخه وَفِيه بعض مُخَالفَة لتاريخ الْولادَة الْمُتَقَدّم
وَفِي قتل رَاشد يَقُول إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب فِي بعض مَا كتب بِهِ إِلَى الرشيد يعرفهُ بنصحه وَكَمَال خدمته
(ألم ترن بالكيد أرديت راشدا ... وَإِنِّي بِأُخْرَى لِابْنِ إِدْرِيس راصد)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute