(تنَاوله عزمي على بعد دَاره ... بمحتومة يحظى بهَا من يكايد)
(ففاه أَخُو عك بمقتل رَاشد ... وَقد كنت فِيهِ شَاهدا وَهُوَ رَاقِد)
يُرِيد بأخي عك مُحَمَّد بن مقَاتل العكي وَالِي إفريقية فَإِنَّهُ لما حاول ابْن الْأَغْلَب قتل رَاشد وَتمّ لَهُ ذَلِك كتب العكي إِلَى الرشيد يُعلمهُ أَنه هُوَ الَّذِي فعل ذَلِك فَكتب صَاحب الْبَرِيد إِلَى الرشيد بِحَقِيقَة الْأَمر وَأَن ابْن الْأَغْلَب هُوَ الْفَاعِل لذَلِك وَالْمُتوَلِّيّ لَهُ فَثَبت عِنْد الرشيد كذب العكي وَصدق ابْن الْأَغْلَب فعزل الرشيد العكي عَن إفريقيا وَولى ابْن الْأَغْلَب عَلَيْهَا وَإِنَّمَا كَانَ قبل ذَلِك عَاملا للعكي على بعض كورها هَكَذَا حكى صَاحب القرطاس هَذَا الْخَبَر وَفِيه أَن عزل العكي عَن إفريقية وتولية ابْن الْأَغْلَب عَلَيْهَا كَانَ فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ قبل وَفَاة رَاشد بِسنتَيْنِ أَو بِأَرْبَع سِنِين على الْخلاف الْمُتَقَدّم
وَقَالَ الْبكْرِيّ والبرنسي إِن راشدا لم يمت حَتَّى أَخذ الْبيعَة لإدريس بالمغرب وَإِن إِدْرِيس لما تمّ لَهُ من الْعُمر إِحْدَى عشرَة سنة ظهر من وفور عقله ونباهته وفصاحته مَا أذهل عقول الْخَاصَّة والعامة فَأخذ لَهُ رَاشد الْبيعَة على البربر يَوْم الْجُمُعَة سَابِع ربيع الأول من السّنة الْمَذْكُورَة فَصَعدَ إِدْرِيس الْمِنْبَر وخطب النَّاس فَقَالَ الْحَمد لله أَحْمَده وأستغفره وأستعين بِهِ وَأَتَوَكَّل عَلَيْهِ وَأَعُوذ بِهِ من شَرّ نَفسِي وَمن شَرّ كل ذِي شَرّ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث إِلَى الثقلَيْن بشيرا وَنَذِيرا وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آل بَيته الطاهرين الَّذين أذهب الله عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا أَيهَا النَّاس إِنَّا قد ولينا هَذَا الْأَمر الَّذِي يُضَاعف فِيهِ للمحسن الْأجر وعَلى الْمُسِيء الْوزر وَنحن وَالْحَمْد لله على قصد فَلَا تمدوا الْأَعْنَاق إِلَى غَيرنَا فَإِن الَّذِي تطلبونه من إِقَامَة الْحق إِنَّمَا تجدونه عندنَا ثمَّ دَعَا النَّاس إِلَى بيعَته وحضهم على التَّمَسُّك بِطَاعَتِهِ فَعجب النَّاس من فَصَاحَته وَقُوَّة جأشه على صغر سنه ثمَّ نزل فَتسَارع النَّاس إِلَى بيعَته وازدحموا عَلَيْهِ يقبلُونَ يَده فَبَايعهُ كَافَّة قبائل الْمغرب من زناتة وأوربة وصنهاجة وغمارة وَسَائِر قبائل البربر فتمت لَهُ الْبيعَة وَبعد بيعَته بِقَلِيل توفّي مَوْلَاهُ رَاشد وَالله أعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute