الرّبيع فَنَهَضَ إِلَيْهِم وَقدم بَين يَدَيْهِ يُوسُف بن عِيسَى الحشمي وَعمر بن مُوسَى الفودودي فِي جَيش كثيف من بني مرين وَسَار هُوَ فِي ساقتهم واتصل خبر خُرُوجه بِعَبْد الْحق بن عُثْمَان ووزيره فانكشفوا عَن تازا وَلَحِقُوا بتلمسان وَكَانُوا يظنون أَن السُّلْطَان لايخرج إِلَيْهِم وَحمد أَبُو حمو عَاقِبَة توقفه عَن نَصرهم ويئسوا من صريخه إيَّاهُم وَلما ضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ أجَاز عبد الْحق بن عُثْمَان ووزيره إِلَى الأندلس وَرجع الْحسن بن عَليّ وَمن مَعَه إِلَى السُّلْطَان أبي الرّبيع بعد أَن أَخذ مِنْهُ الْأمان وَهلك رحو بن يَعْقُوب بالأندلس لمُدَّة قريبَة وَلما احتل السُّلْطَان أَبُو الرّبيع بتازا حسم الدَّاء ومحا أثر الشقاق وأثخن فِي حَاشِيَة الْخَوَارِج وشيعتهم بِالْقَتْلِ والسبي ثمَّ اعتل أَيَّامًا أثْنَاء ذَلِك فَتوفي بتازا بَين العشاءين لَيْلَة الْأَرْبَعَاء منسلخ جُمَادَى الْأَخِيرَة من سنة عشر وَسَبْعمائة وَدفن من ليلته تِلْكَ بِصَحْنِ الْجَامِع الْأَعْظَم من تازا رَحمَه الله
الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي سعيد عُثْمَان ابْن يَعْقُوب بن عبد الْحق رَحمَه الله
كَانَ هَذَا السُّلْطَان من أهل الْعلم والحلم والعفاف جوادا متواضعا متوقفا فِي سفك الدِّمَاء لقبه السعيد بِفضل الله وَأمه حرَّة اسْمهَا عَائِشَة بنت الْأَمِير أبي عَطِيَّة مهلهل بن يحيى الخلطي وَلما هلك السُّلْطَان أَبُو الرّبيع بتازا فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم تطاول لِلْأَمْرِ عَمه أَبُو سعيد الْأَصْغَر وَهُوَ عُثْمَان بن السُّلْطَان يُوسُف وخب فِي ذَلِك وَوضع وأسدى وألحم فَلم يحصل على شَيْء
وَاجْتمعَ الوزراء والمشيخة بِالْقصرِ بعد هدأة من اللَّيْل وتفاوضوا فِي أَمرهم حَتَّى وَقع اختيارهم على أبي سعيد الْأَكْبَر وَهُوَ عُثْمَان ابْن السُّلْطَان يَعْقُوب بن عبد الْحق فاستدعوه فَحَضَرَ فَبَايعُوهُ ليلتئذ وَتمّ أمره وأنفذ كتبه إِلَى النواحي والجهات باقتضاء الْبيعَة وسرح ابْنه الْأَكْبَر الْأَمِير أَبَا الْحسن عَليّ بن عُثْمَان إِلَى فاس فَدَخلَهَا غرَّة رَجَب من سنة عشر وَسَبْعمائة وَملك قصر الْخلَافَة بالحضرة واحتوى على أَمْوَاله وذخيرته وَفِي غَد ليلته أخذت