قَالَ ابْن أبي زرع لما رَجَعَ الْمَنْصُور من الأندلس إِلَى مراكش أَخذ الْبيعَة لوَلَده أبي عبد الله مُحَمَّد الملقب بالناصر لدين الله فَبَايعهُ كَافَّة الْمُوَحِّدين وَسَائِر أهل الْأَمْصَار والأقطار فَلَمَّا تمت الْبيعَة للناصر الْمَذْكُور وَجلسَ فِي مَحل الْخلَافَة وَجَرت الْأَحْكَام والأوامر باسمه وعَلى يَدَيْهِ فِي حَيَاة أَبِيه دخل الْمَنْصُور قصره فَلَزِمَهُ
وَقَالَ ابْن خلكان لما وصل الْمَنْصُور إِلَى مراكش يَعْنِي بعد قدومه من الأندلس أَمر باتخاذ الأحواض والروايا وآلات السّفر للتوجه إِلَى بِلَاد إفريقية فَاجْتمع إِلَيْهِ مَشَايِخ الْمُوَحِّدين وَقَالُوا لَهُ يَا سيدنَا قد طَالَتْ غيبتنا بالأندلس فمنا من لَهُ خمس سِنِين وَغير ذَلِك فتنعم علينا بالمهلة هَذَا الْعَام وَتَكون الْحَرَكَة فِي أول سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة فأجابهم إِلَى سُؤَالهمْ وانتقل إِلَى مَدِينَة سلا وَشَاهد مَا فِيهَا من المنتزهات الْمعدة لَهُ
وَكَانَ قد بنى بِالْقربِ من الْمَدِينَة الْمَذْكُورَة مَدِينَة عَظِيمَة سَمَّاهَا رِبَاط الْفَتْح على هَيْئَة الْإسْكَنْدَريَّة فِي الإتساع وَحسن التَّقْسِيم وإتقان الْبناء وتحصينه وتحسينه وبناها على الْبَحْر الْمُحِيط الَّذِي هُنَاكَ وَهِي على نهر سلا مُقَابلَة لَهَا من الْبر القبلي واطاف تِلْكَ الْبِلَاد وتنزه فِيهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى مراكش
قَالَ ابْن خلكان وَبعد هَذَا اخْتلفت الرِّوَايَات فِي أمره فَمن النَّاس من يَقُول إِنَّه ترك مَا كَانَ فِيهِ وتجرد وساح فِي الأَرْض حَتَّى انْتهى إِلَى بِلَاد الشرق وَهُوَ مستخف لَا يعرف وَمَات خاملا وَمِنْهُم من يَقُول إِنَّه لما رَجَعَ إِلَى مراكش كَمَا ذَكرْنَاهُ توفّي فِي غرَّة جُمَادَى الأولى وَقيل فِي ربيع الْآخِرَة فِي سَابِع عشرَة وَقيل فِي غرَّة صفر وَلم ينْقل شَيْء من أَحْوَاله بعد ذَلِك إِلَى حِين وَفَاته وَقيل توفى بِمَدِينَة سلا
قَالَ ابْن خلكان ثمَّ حكى لي جمع كثير بِدِمَشْق أَن بِالْقربِ من