وَفِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة استدعى السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الإِمَام أَبَا عبد الله بن غَازِي من مكناسة إِلَى فاس فولي الخطابة أَولا بِالْمَسْجِدِ الْجَامِع من فاس الْجَدِيد ثمَّ ولي الْإِمَامَة والخطابة ثَانِيًا بِمَسْجِد الْقرَوِيين من فاس وَصَارَ شيخ الْجَمَاعَة بهَا واستوطنها إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله
وَفِي سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة تحرّك السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ إِلَى دبدو ثمَّ عَاد إِلَى حَضرته وفيهَا أَيْضا فِي يَوْم الْخَمِيس السَّابِع من ذِي الْقعدَة توفّي الْوَزير أَبُو عبد الله مُحَمَّد الحلو الوطاسي وَدفن بالقلة خَارج بَاب الحبيسة
وَفِي سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة استولت الرينة إيسابيلا صَاحِبَة مادريد قَاعِدَة بِلَاد قشتالة على حَمْرَاء غرناطة ومحت دولة بني الْأَحْمَر من جَزِيرَة الأندلس وَلم يبْق للْمُسلمين بهَا سُلْطَان وتفرق أَهلهَا فِي بِلَاد الْمغرب وَغَيرهَا أيادي سبا وَقد تقدم الْخَبَر عَن ذَلِك مُسْتَوفى
بِنَاء مَدِينَة تطاوين
قَالَ منويل لما استولى الإصبنيول على غرناطة خرج جمَاعَة كَبِيرَة من أَهلهَا إِلَى الْمغرب فنزلوا فِي مرتيل قرب تطاوين وَلما نزلُوا بِهِ لم يقدموا شَيْئا على الْوِفَادَة على سُلْطَان فاس مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي فأجل مقدمهم ورحب بهم فَقَالُوا إِن ضيافتنا عنْدك أَن تعين لنا موضعا نَبْنِي فِيهِ بَلَدا يكننا ونحفظ فِيهِ عيالنا من أهل الرِّيف فأجابهم إِلَى مُرَادهم وَعين لَهُم مَدِينَة تطاوين الخربة مُنْذُ تسعين سنة وَولى عَلَيْهِم كَبِيرهمْ أَبَا الْحسن عليا المنظري وَكَانَ رجلا شجاعا من كبار جند ابْن الْأَحْمَر وَكَانَ قد أبلى مَعَه فِي حَرْب غرناطة الْبلَاء الْحسن ثمَّ انْتقل إِلَى الْمغرب كَمَا قُلْنَا وَلما عقد لَهُ الشَّيْخ الوطاسي على أَصْحَابه رَجَعَ بهم إِلَى تطاوين وَشرع فِي بِنَاء أسوار الْبَلَد الْقَدِيم فجدده وَبنى الْمَسْجِد الْجَامِع بِهِ واستوطنه هُوَ وجماعته ثمَّ أَخذ فِي جِهَاد البرتغال بسبتة وبلاد الهبط إِلَى أَن أسر مِنْهُم ثَلَاثَة آلَاف فاستخدمهم فِي إتْمَام مَا بَقِي