وقْعَة زَاوِيَة الشرادي وَمَا جرى فِيهَا على السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان رَحمَه الله
هَؤُلَاءِ الشراردة أصلهم من عرب معقل من الصَّحرَاء وهم طوائف زُرَارَة والشبانات وهم الخلص مِنْهُم ويضاف لَهُم بعض أَوْلَاد دليم وتكنة وذوو بِلَال وَغَيرهم وَكَانَت مَنَازِلهمْ فِي دولة السُّلْطَان الْأَعْظَم سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله غربي مراكش على بعض يَوْم مِنْهَا فَنَشَأَ فيهم الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس الشرادي من أهل الصّلاح زمن أَصْحَاب الشَّيْخ سَيِّدي أَحْمد بن نَاصِر الدرعي فاعتقدوه وَرُبمَا ناله بعض الْإِحْسَان من السُّلْطَان الْمَذْكُور ثمَّ نَشأ ابْنه السَّيِّد أبي مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس فَجرى مجْرى أَبِيه وَبنى الزاوية المنسوبة إِلَيْهِم واعتقده قومه أَيْضا بل وَغَيرهم
فقد ذكر صَاحب نشر المثاني أَن السَّيِّد مُحَمَّدًا هَذَا لما قدم من الْحَج سنة سبع وَسبعين وَمِائَة وَألف اجتاز بِمَدِينَة فاس فَاجْتمع عَلَيْهِ نَاس مِنْهَا وتلمذوا لَهُ وبنوا لَهُ زَاوِيَة بدرب الدرج من عدوة الأندلس وَأثْنى عَلَيْهِ وعَلى أَبِيه فَانْظُرْهُ ثمَّ جَاءَ ابْنه الْمهْدي بن مُحَمَّد فسلك ذَلِك المسلك أَيْضا وَنَشَأ فِي دولة السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان رَحمَه الله وَاتخذ شَيْئا من كتب الْعلم من غير أَن يكون لَهُ فِيهِ يَد تعْتَبر ثمَّ تظاهر بِمَعْرِِفَة السيميا والحدثان فازداد ناموسه وَتمكن من جهلة قومه وَرُبمَا نمى شَيْء من أمره إِلَى السُّلْطَان فتغافل عَنهُ ثمَّ لما قدم السُّلْطَان رَحمَه الله مراكش هَذِه الْمرة وجد أمره قد زَاد واستفحل وَكَانَ الشراردة يَوْمئِذٍ قد حسنت حَالهم فأثروا وكثروا وَكَانَ السُّلْطَان قد ولى عَلَيْهِم رجلا مِنْهُم اسْمه قَاسم الشرادي فَحدث بَينه وَبَين الْمهْدي مَا يحدث بَين المرابطين وأرباب الْولَايَة وَكَانَ رُبمَا التجأ جَان إِلَى زَاوِيَة الْمهْدي فَيقبض عَلَيْهِ الْقَائِد ويخرجه مِنْهَا فاستحكمت الْعَدَاوَة بَين الْقَائِد وَبَين الْمهْدي ثمَّ جرى شنآن بَين الْمهْدي وَبَين بعض قرَابَته ففر ذَلِك الْقَرِيب إِلَى مراكش وَكَانَ الْقَائِد قَاسم بهَا فَشَكا إِلَيْهِ عَمه الْمهْدي فاغتنمها