الْخَبَر عَن دولة أبي الْحسن السعيد عَليّ بن الْمَأْمُون بن الْمَنْصُور رَحمَه الله
لما هلك الرشيد بُويِعَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ أَبُو الْحسن على الْمَدْعُو السعيد بِتَعْيِين أبي مُحَمَّد بن وانودين وتلقب بالمعتضد بِاللَّه واستوزر السَّيِّد أَبَا إِسْحَاق ابْن السَّيِّد أبي إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن ويحي بن عطوش وتقبض على جملَة من مشيخة الْمُوَحِّدين واستصفى أَمْوَالهم واصطنع لنَفسِهِ رُؤَسَاء الْعَرَب من جشم وَاسْتظْهر بجموعهم على أمره وَكَانَ شيخ سُفْيَان كانون بن جرمون كَبِير مَجْلِسه وَكَانَ ضَرَر بني مرين قد تفاقم بالمغرب وداؤهم قد أعضل فَخرج السعيد سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة لتمهيد بِلَاد الْمغرب فَانْتهى إِلَى سجلماسة وَكَانَ صَاحبهَا عبد الله بن زَكَرِيَّا الهزرجي قد انْتقض عَلَيْهِ فَقتله وَاسْتولى عَلَيْهَا ثمَّ رَجَعَ حَتَّى نزل المقرمدة من أَرض فاس
وَعقد المهادنة مَعَ بني مرين وقفل إِلَى مراكش فَكَانَت هدنة على دخن فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى عاود النهوض إِلَيْهِم سنة ثَلَاثَة وَأَرْبَعين بعْدهَا واستخلف السَّيِّد أَبَا زيد ابْن السَّيِّد أبي إِبْرَاهِيم أَخا الْوَزير الْمَذْكُور آنِفا على مراكش وَاسْتعْمل أخاهما السَّيِّد أَبَا حَفْص وَهُوَ المرتضى على سلا وَسَار نَحْو بني مرين فَجمع لَهُ أَمِيرهمْ أَبُو بكر بن عبد الْحق جموع زناتة وصمد نَحوه حَتَّى إِذا ترَاءى الْجَمْعَانِ وتهيأ الْقَوْم للقاء خَالف كانون بن جرمون إِلَى آزمور فاستولى عَلَيْهَا وَغلب الْمُوَحِّدين عَلَيْهَا فَرجع السعيد أدراجه فِي أَتْبَاعه ففر كانون عَنْهَا فاعترضه السعيد فأوقع بِهِ واستلحم كثير من قومه سُفْيَان وَاسْتولى على مَا كَانَ لَهُم من مَال وماشية وَلحق كانون ببني مرين وَرجع السعيد إِلَى الحضرة
ثمَّ تقدم الْأَمِير أَبُو بكر بن عبد الْحق المريني إِلَى مكناسة فضايقها وخطب طَاعَة أَهلهَا فثارت الْعَامَّة بمكناسة على واليها من قبل السعيد فَقَتَلُوهُ