إِلَى سنة عشر وَثَمَانمِائَة فِي دولة السُّلْطَان أبي سعيد فاتفق أَن فسد مَا بَين السُّلْطَان أبي فَارس الحفصي وَبَين أَعْرَاب إفريقية من سليم فَقدمت طَائِفَة مِنْهُم حَضْرَة فاس مستنجدين السُّلْطَان أَبَا سعيد على صَاحبهمْ أبي فَارس فألفوا عِنْده الْأَمِير أَبَا عبد الله المنهزم بسيبوس كَمَا مر فعقد لَهُ السُّلْطَان أَبُو سعيد على جَيش من بني مرين وَغَيرهم وَبَعثه مَعَ الْعَرَب فَلَمَّا انْتهى إِلَى بجاية تَلَقَّتْهُ أَعْرَاب إفريقية طَائِعَة وهون عَلَيْهِ المرابط شيخ حَكِيم مِنْهَا أَمر تونس فَرد الْجَيْش المريني وقصدها بِمن انْضَمَّ إِلَيْهِ من الحشود فَأخذ بجاية من أبي يحيى وفر فِي الْبَحْر وَعقد أَبُو عبد الله عَلَيْهَا لِابْنِهِ الْمَنْصُور ثمَّ زحف إِلَى السُّلْطَان أبي فَارس فخالفه إِلَى بجاية فَافْتَكَّهَا من يَد ابْنه الْمَنْصُور وَوجه بِهِ مَعَ جمَاعَة من كبار أَهلهَا معتقلين إِلَى الحضرة وَعقد عَلَيْهَا لِأَحْمَد ابْن أَخِيه ونهض لقِتَال ابْن عَمه أبي عبد الله الْمَذْكُور فَنزع المرابط عَنهُ إِلَى السُّلْطَان أبي فَارس لعهد كَانَ بَينهمَا فانفض جمع أبي عبد الله وَقتل واحتز رَأسه وَوَجهه السُّلْطَان أَبُو فَارس مَعَ من علقه بِبَاب المحروق أحد أَبْوَاب فاس إغاظة للسُّلْطَان أبي سعيد وَذَلِكَ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة ثمَّ تحرّك السُّلْطَان أَبُو فَارس إِلَى جِهَة الْمغرب قَاصِدا أَخذ الثار من السُّلْطَان أبي سعيد فاستولى على تلمسان ثمَّ قصد حَضْرَة فاس فَلَمَّا شارفها جنح السُّلْطَان أَبُو سعيد إِلَى السّلم فَوجه إِلَيْهِ بِهَدَايَا جليلة فَقبل ذَلِك أَبُو فَارس وكافأ عَلَيْهِ وانكفأ رَاجعا إِلَى حَضرته وَلَحِقتهُ فِي طَرِيقه بيعَة أهل فاس وانتظم لَهُ ملك الْمغرب وَبَايَعَهُ صَاحب الأندلس أَيْضا قَالَه صَاحب الْخُلَاصَة النقية وَهُوَ الأديب أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْبَاجِيّ أحد كتاب الدولة التركية بتونس