للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وافتتح بَيت الْمُقَدّس سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَهدم الْكَنِيسَة الَّتِي بنواحيه وَانْقَضَت أُمَم النَّصْرَانِيَّة من كل جِهَة وَتَتَابَعَتْ أساطيلهم الكفرية بالمدد من كل نَاحيَة لتِلْك الثغور الْقَرِيبَة من بَيت الْمُقَدّس واعترضوا أسطول صَلَاح الدّين فِي الْبَحْر وَلم تقاومهم أساطيل الْإسْكَنْدَريَّة لِضعْفِهَا يَوْمئِذٍ عَن ممانعتهم فَبعث صَلَاح الدّين صَرِيحَة إِلَى الْمَنْصُور سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة بِطَلَب إعانته بالأساطيل لمنازلة عكا وصور وطرابلس الشَّام وأوفد عَلَيْهِ أَبَا الْحَارِث عبد الرَّحْمَن بن منقذ من بَيت بني منقذ مُلُوك شيزر من حصون الشَّام وَكَانَ صَلَاح الدّين قد ملكهَا من أَيْديهم وَأبقى عَلَيْهِم فِي دولته فَبعث صَلَاح الدّين عبد الرَّحْمَن هَذَا إِلَى يَعْقُوب الْمَنْصُور طَالبا مدد الأساطيل لتحول فِي الْبَحْر بَين أساطيل الفرنج وَبَين أَمْدَاد النَّصْرَانِيَّة بِالشَّام ولمنازلة الثغور الَّتِي ذكرنَا

وَبعث مَعَه إِلَى الْمَنْصُور بهدية تشْتَمل على مصحفين كريمين منسوبين وَمِائَة دِرْهَم من دهن البلسان وَعشْرين رطلا من الْعود وسِتمِائَة مِثْقَال من الْمسك والعنبر وَخمسين قوسا عَرَبِيَّة بأوتارها وَعشْرين من النصول الْهِنْدِيَّة وسروج عدَّة مثقلة فوصل إِلَى الْمغرب فصادف الْمَنْصُور بالأندلس فانتظره بفاس إِلَى أَن رَجَعَ فَلَقِيَهُ وَأدّى الرسَالَة وَقدم الْهَدِيَّة

وَكَانَ الْكتاب الَّذِي بعث بِهِ صَلَاح الدّين من إنْشَاء الأديب عبد الرَّحِيم البيسني الْمَعْرُوف بِالْقَاضِي الْفَاضِل وَكَانَ عنوان الْكتاب من صَلَاح الدّين إِلَى أَمِير الْمُسلمين وَفِي أَوله الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى يُوسُف بن أَيُّوب وَبعده الْحَمد لله الَّذِي اسْتعْمل على الْملَّة الحنيفة من استعمر الأَرْض وأغنى من أَهلهَا من سَأَلَهُ الْقَرْض وأجرى من أجْرى على يَده النَّافِلَة وَالْفَرْض وزين سَمَاء الْملَّة بدراري الذَّرَارِي الَّتِي بَعْضهَا من بعض وَهُوَ كتاب طَوِيل

<<  <  ج: ص:  >  >>