إفريقية سَاكِنة وَقد فر ابْن غانية عَنْهَا إِلَى الصَّحرَاء حِين سمع بقدومه
وَفِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة استولى الفرنج على مَدِينَة شلب وباجة ويابورة من غرب الأندلس وَذَلِكَ لما علمُوا أَن الْمَنْصُور قد أبعد عَنْهُم واشتغل بِأَمْر إفريقية فاغتنموا الفرصة فِيهَا واتصل الْخَبَر بالمنصور فَغَاظَهُ ذَلِك وأعظمه وَكتب إِلَى قواد الأندلس يوبخهم وَيَأْمُرهُمْ بغزو بِلَاد الفرنج وَيُعلمهُم أَنه قادم عَلَيْهِم فِي أثر كِتَابه فَاجْتمع قواد الأندلس إِلَى مُحَمَّد بن يُوسُف وَالِي قرطبة فَخرج بهم فِي جَيش كثيف من الْمُوَحِّدين وَالْعرب وَأهل الأندلس حَتَّى نزل على شلب فَشدد عَلَيْهَا الْحصار وتابع عَلَيْهَا الْقِتَال حَتَّى فتحهَا وَفتح قصر أبي دانس ومدينة باجة ويابورة وَرجع إِلَى قرطبة فَدَخلَهَا بِخَمْسَة عشر ألفا من السَّبي وَثَلَاثَة آلَاف أَسِير قدمهم بَين يَدَيْهِ فِي القطائن خَمْسُونَ علجا فِي كل قطينة وَذَلِكَ فِي شَوَّال سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
وَفِي هَذَا الشَّهْر رَجَعَ الْمَنْصُور من إفريقية فَانْتهى إِلَى تلمسان فَأَقَامَ بهَا إِلَى آخر السّنة الْمَذْكُورَة وَفِي فاتح محرم من سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَهِي سنة آكرواو خرج الْمَنْصُور من تلمسان إِلَى فاس وَهُوَ مَرِيض فَكَانَ يركب فِي آكرواو فَدخل فاسا وَأقَام بهَا مَرِيضا سَبْعَة أشهر حَتَّى أبل من علته ثمَّ نَهَضَ إِلَى مراكش فَأَقَامَ بهَا إِلَى سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة ثمَّ نَهَضَ مِنْهَا إِلَى الأندلس بِقصد الْجِهَاد وَكَانَ مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute