بمكانه من حِصَار تازوطا كَمَا قدمنَا فأبرموا العقد وأحكموا الصُّلْح وَانْصَرفُوا إِلَى ابْن الْأَحْمَر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وسِتمِائَة بإسعاف غَرَضه من المؤاخاة واتصال الْيَد فَوَقع ذَلِك مِنْهُ أجمل موقع وطار سُرُورًا من أعواده وَأجْمع الرحلة إِلَى السُّلْطَان لإحكام العقد والاستبلاغ فِي الْعذر عَن وَاقعَة طريف وَالرَّغْبَة إِلَيْهِ فِي نَصره بِلَاد الأندلس وإغاثة الْمُسلمين الَّذين بهَا فتهيأ لذَلِك وَعبر الْبَحْر فِي ذِي الْقعدَة من سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وسِتمِائَة واحتل بجبل بيونش من نَاحيَة سبتة ثمَّ ارتحل إِلَى طنجة فَلَقِيَهُ بهَا الأميران أَبُو عَامر عبد الله وَأَبُو عبد الرَّحْمَن يَعْقُوب ابْنا السُّلْطَان يُوسُف وَكَانَ أَبُو عَامر لَا زَالَ يَوْمئِذٍ من أَبِيه بِعَين الرِّضَا
وَلما علم السُّلْطَان يُوسُف بقدومه خرج من فاس للقائه وبرور مقدمه فوافاه بطنجة فَقدم ابْن الْأَحْمَر بَين يَدي نَجوَاهُ هَدِيَّة أتحف بهَا السُّلْطَان يُوسُف كَانَ من أحْسنهَا موقعا لَدَيْهِ الْمُصحف الْكَبِير الَّذِي يُقَال إِنَّه مصحف أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ كَانَ بَنو أُميَّة يتوارثونه بقرطبة ثمَّ خلص إِلَى ابْن الْأَحْمَر فأتحف بِهِ السُّلْطَان يُوسُف فِي هَذِه الْمرة فَقبل السُّلْطَان ذَلِك وكافأه بأضعافه وَبَالغ فِي تكرمته وأسعفه بِجَمِيعِ مطالبه وَأَرَادَ ابْن الْأَحْمَر أَن يبسط الْعذر عَن شَأْن طريف فتجافى السُّلْطَان يُوسُف عَن سَماع ذَلِك وأضرب عَن ذكره صفحا وبر وأحفى وَوصل وأجزل وَنزل لِابْنِ الْأَحْمَر عَن الجزيرة ورندة والغربية وَعشْرين حصنا من ثغور الأندلس كَانَت قبل فِي ملكته وملكة أَبِيه وَعَاد ابْن الْأَحْمَر إِلَى أندلسه آخر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وسِتمِائَة محبوا محبورا وعبرت مَعَه عَسَاكِر السُّلْطَان يُوسُف لحصار طريف ومنازلته وَعقد على حربها لوزيره الشهير الذّكر عمر بن السُّعُود بن خرباش الحشمي فنازلها مُدَّة فامتنعت عَلَيْهِ وَأَفْرج عَنْهَا
وَفِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعْدهَا فرغ السُّلْطَان يُوسُف من بِنَاء جَامع تازا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute