الأندلس مربعة وَكَانَ مُلُوك الْمُوَحِّدين إِذا قدم عَلَيْهِم وُفُود الأندلس كَانَ أول من يُنَادي مِنْهُم أهل شريش فَكَانَ يُقَال أَيْن السَّابِقُونَ فَيدْخلُونَ للسلام فَإِذا سلمُوا وقضيت حاجاتهم انصرفوا فَدخل غَيرهم حِينَئِذٍ وَكَانَ فتح شريش فاتح ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
ثمَّ زحف الموحدون إِلَى لبلة وَكَانَ بهَا من الثوار يُوسُف بن أَحْمد البطروجي فبذل لَهُم الطَّاعَة ثمَّ زحفوا إِلَى شلب ففتحوها ثمَّ نهضوا إِلَى باجة وبطليوس ففتحوهما أَيْضا ثمَّ زحفوا إِلَى إشبيلية فحاصروها برا وبحرا إِلَى أَن فتحوها فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وفر من كَانَ بهَا من المرابطين إِلَى قرمونة وَقتل من أدْركهُ الْقَتْل مِنْهُم وَقتل فِي جُمْلَتهمْ عبد الله ولد القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَرَبِيّ الْمعَافِرِي الْحَافِظ الْمَشْهُور وَأُصِيب فِي هيعة تِلْكَ الدخلة من غير قصد
وَكتب الموحدون بِالْفَتْح إِلَى عبد الْمُؤمن ثمَّ قدم عَلَيْهِ وفدهم بمراكش مبايعين لَهُ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَرَئِيس الْوَفْد يَوْمئِذٍ القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الْمَذْكُور فألفوا عبد الْمُؤمن مَشْغُولًا بِحَرب مُحَمَّد بن هود الماسي فأقاموا بمراكش سنة وَنصفا لم يلقوه فِيهَا حَتَّى كَانَ يَوْم عيد الْأَضْحَى من سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة فَلَقوهُ بالمصلى فَسَلمُوا عَلَيْهِ سَلام الْجَمَاعَة ثمَّ بعد ذَلِك دخلُوا عَلَيْهِ فسملوا عَلَيْهِ السَّلَام الْخَاص وَقبلت بيعتهم
وَسَأَلَ عبد الْمُؤمن القَاضِي أَبَا بكر بن الْعَرَبِيّ عَن الْمهْدي هَل كَانَ لقِيه عِنْد الإِمَام أبي حَامِد الْغَزالِيّ فَقَالَ مَا لَقيته وَلَكِن سَمِعت بِهِ فَقَالَ لَهُ فَمَا كَانَ أَبُو حَامِد يَقُول فِيهِ قَالَ كَانَ يَقُول إِن هَذَا الْبَرْبَرِي لَا بُد أَن سَيظْهر ثمَّ صرف عبد الْمُؤمن أهل إشبيلية بعد أَن أجازهم وَكتب لَهُم منشورا بتحرير أملاكهم فانصرفوا عَنهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة فَلَمَّا قربوا من مَدِينَة فاس توفّي الإِمَام أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ رَحمَه