الأسطول إِلَى سبتة فاعتقله بهَا وَعقد على قسنطينة لمنصور بن الْحَاج خلوف الياباني من شُيُوخ بني مرين وَأهل الشورى مِنْهُم وأنزله بالقصبة فِي شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة ووصلت إِلَيْهِ بيعات أُمَرَاء الْأَطْرَاف من توزر ونفطة وَقَابِس وَغَيرهَا ووفد عَلَيْهِ أَوْلَاد مهلهل أُمَرَاء بني كَعْب من سليم وأقبال بني أبي اللَّيْل مِنْهُم يستحثونه لملك تونس فسرح مَعَهم العساكر وَعقد عَلَيْهَا ليحيى بن عبد الرَّحْمَن بن تاشفين وَبعث أسطوله فِي الْبَحْر مدَدا لَهُم وَعقد عَلَيْهِ للرئيس مُحَمَّد بن يُوسُف الْمَعْرُوف بالأبكم من أُمَرَاء بني الْأَحْمَر
وَكَانَ سُلْطَان تونس يَوْمئِذٍ أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الحفصي وَلما اتَّصل بِهِ خبر بني مرين أخرج حَاجِبه أَبَا مُحَمَّد بن تافراجين لقتالهم فزحفت الجيوش إِلَى تونس وَوصل الأسطول إِلَى مرْسَاها فَقَاتلهُمْ ابْن تافارجين يَوْمًا أَو بعض يَوْم ثمَّ ركب اللَّيْل إِلَى المهدية فتحصن بهَا وَدخل أَوْلِيَاء السُّلْطَان إِلَى تونس فِي رَمَضَان من سنة ثَمَان وَخمسين وَسَبْعمائة وَأَقَامُوا بهَا الدعْوَة المرينية واحتل يحيى بن عبد الرَّحْمَن بالقصبة وأنفذ الْأَوَامِر وَكتب إِلَى السُّلْطَان أبي عنان بِالْفَتْح فَعظم سروره وَنظر بعد ذَلِك فِي أَحْوَال ذَلِك الْقطر وَقبض أَيدي الْعَرَب من ريَاح عَن الإتاوة الَّتِي يسمونها الخفارة فارتابوا وطالبهم بِالرَّهْنِ عَن الطَّاعَة فَأَجْمعُوا الْخلاف والتفوا على أَمِيرهمْ يَعْقُوب بن عَليّ وَلَحِقُوا بالزاب وارتحل السُّلْطَان فِي اثرهم فأجفلوا أَمَامه إِلَى القفر فخرب حصونهم الَّتِي بالزاب وَرجع عَنْهُم وَحمل لَهُ ابْن مزني عَامل بسكرة والزاب جبايته وَأطلق الْمُؤَن للعسكر من الإدام وَالْحِنْطَة والحملان والعلوفة ثَلَاثَة أَيَّام وكافأه السُّلْطَان على صَنِيعه فَخلع عَلَيْهِ وعَلى أَهله وَولده وأسنى جوائزهم
وَرجع إِلَى قسنطينة واعتزم على الرحلة إِلَى تونس وَضَاقَتْ العساكر ذرعا بشأن النَّفَقَات والإبعاد فِي الرحلة وارتكاب الْخطر فِي دُخُول إفريقية