ثمَّ كتب من حِينه إِلَى ملك قشتالة يستنصره على الْمُوَحِّدين ويسأله أَن يبْعَث لَهُ جَيْشًا من الفرنج يجوز بهم إِلَى العدوة لقِتَال يحيى وَمن مَعَه من الْمُوَحِّدين فَشرط عَلَيْهِ صَاحب قتشالة أَن يُعْطِيهِ عشرَة حصون مِمَّا يَلِي بِلَاده يختارها هُوَ وَأَن يَبْنِي بمراكش إِذا دَخلهَا لجيش النَّصَارَى الَّذين مَعَه كَنِيسَة يظهرون بهَا دينهم ويضربون فِيهَا نواقيسهم لصلواتهم وَأَن من اسْلَمْ مِنْهُم لَا يقبل مِنْهُ إِسْلَامه وَيرد إِلَى إخوانه فيحكمون فِيهِ بأحكامهم إِلَى غير ذَلِك فأسعفه الْمَأْمُون فِي جَمِيع مَا طلبه مِنْهُ
وَكَانَ يحيى بن النَّاصِر صَاحب مراكش لما رأى اخْتِلَاف أَحْوَاله بهَا كَمَا قُلْنَا ومبايعته أَكثر أهل الْمغرب لِعَمِّهِ الْمَأْمُون خرج فَارًّا بِنَفسِهِ إِلَى تيمنلل وَكَانَ ذَلِك فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة وَلما فر يحيى عَن الحضرة قدم اشياخ الْمُوَحِّدين الَّذين بهَا واليا يضبطها لِلْمَأْمُونِ ريثما يقدم عَلَيْهِم وجددوا لَهُ الْبيعَة وَكَتَبُوا إِلَيْهِ يخبروه بفرار يحيى إِلَى الْجَبَل ويرغبون إِلَيْهِ فِي الْقدوم عَلَيْهِم وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا هِلَال بن حميدان أَمِير الْخَلْط وَاسْتمرّ يحيى معتصما بِالْجَبَلِ أَرْبَعَة اشهر ثمَّ بدا لَهُ فَعَاد إِلَى مراكش وَقتل عَامل الْمَأْمُون الَّذِي قدمه الْمُوَحِّدين بهَا وَاسْتمرّ بهَا نَحْو سَبْعَة أَيَّام ثمَّ خرج إِلَى جبل جليز وعسكر بِهِ وَأقَام منتظرا لقدوم الْمَأْمُون ودفاعه عَن مراكش ثمَّ بعث صَاحب قشتالة إِلَى الْمَأْمُون جَيْشًا من اثْنَي عشر ألفا برسم الْخدمَة مَعَه والمقاتلة دونه على الشُّرُوط الْمُتَقَدّمَة وَكَانَ وصولهم إِلَيْهِ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة ثمَّ عبر بهم من الجزيرة الخضراء إِلَى سبتة فِي ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة وَهُوَ أول من أَدخل عَسْكَر الفرنج أَرض الْمغرب واستخدمهم بهَا فأراح بسبتة أَيَّامًا ثمَّ نَهَضَ إِلَى مراكش حَتَّى إِذا دنى مِنْهَا لقِيه يحيى بجيوش الْمُوَحِّدين وَذَلِكَ عشي يَوْم السبت الْخَامِس وَالْعِشْرين من ربيع الأول من السّنة الدَّاخِلَة فَانْهَزَمَ يحيى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute