للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا تَوَاتَرَتْ رسلهم وكتبهم عَلَيْهِ بعث ابْنه الْمعز بن يُوسُف فِي عَسَاكِر المرابطين إِلَى سبتة فَرْضه الْمجَاز فنازلها برا وأحاطت بهَا أساطيل ابْن عباد بحرا فاقتحموها عنْوَة فِي ربيع الآخر سنة سبع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَقبض على صَاحبهَا ضِيَاء الدولة يحيى بن سكُوت البرغواطي وَجِيء بِهِ إِلَى الْمعز أَسِيرًا فَقتله صبرا وَبعث بِكِتَاب الْفَتْح إِلَى أَبِيه وَهُوَ بفاس ينظر فِي أَمر الْجِهَاد ويستعد لَهُ ففرح يُوسُف بِفَتْح سبتة وَخرج من حِينه قَاصِدا نَحْوهَا ليعبر مِنْهَا إِلَى الأندلس

وَلما سمع الْمُعْتَمد ابْن عباد بِفَتْح سبتة ركب الْبَحْر إِلَى الْمغرب لاستنفار يُوسُف إِلَى الْجِهَاد فَلَقِيَهُ مُقبلا بِبِلَاد طنجة بِموضع يعرف ببليطة على ثَلَاث مراحل من سبتة وَقَالَ ابْن خلدون لقِيه بفاس فَأخْبرهُ بِحَال الأندلس وَمَا هِيَ عَلَيْهِ من الضعْف وَشدَّة الْخَوْف وَالِاضْطِرَاب وَمَا يلقاه الْمُسلمُونَ من عدوهم من الْقَتْل والأسر والحصار كل يَوْم فَقَالَ لَهُ يُوسُف ارْجع إِلَى بلادك وَخذ فِي أَمرك فَإِنِّي على أثرك فَرجع ابْن عباد إِلَى الأندلس وَنزل ليوسف عَن الجزيرة الخضراء لتَكون رِبَاطًا لجهاده وَدخل يُوسُف سبتة فَنظر فِي أمرهَا وَأصْلح سفنها وقدمت عَلَيْهِ بهَا جنود الله من الْمغرب والصحراء والقبلة والزاب فشرع فِي إجازتها إِلَى الأندلس

وَلما تكاملت بساحل الخضراء عبر هُوَ فِي أَثَرهَا فِي موكب عَظِيم من قواد المرابطين وأنجادهم وصلحائهم فَلَمَّا اسْتَوَى على ظهر السَّفِينَة رفع يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَن فِي جوازنا هَذَا صلاحا للْمُسلمين فسهل علينا هَذَا الْبَحْر حَتَّى نعبره وَإِن كَانَ غير ذَلِك فصعبه حَتَّى لَا نعبره فسهل الله عَلَيْهِم العبور فِي أسْرع وَقت وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْخَمِيس عِنْد الزَّوَال منتصف ربيع الأول سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَنزل بالخضراء فصلى بهَا الظّهْر من يَوْمه ذَلِك ولقيه الْمُعْتَمد ابْن عباد صَاحب إشبيلية وَابْن الْأَفْطَس صَاحب بطليوس وَغَيرهمَا من مُلُوك الأندلس

<<  <  ج: ص:  >  >>