فِي الْحُدُود فَكلم من جَانب السُّلْطَان رَحمَه الله فِيمَا ارْتَكَبهُ من إيالته فتعلل بِأَن الْهُدْنَة قد انتقضت بإمداد الْحَاج عبد الْقَادِر بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاح وَالْمَال الْمرة بعد الْمرة وبمحاربة جَيش السُّلْطَان المرابط على الْحُدُود لَهُ وبمحاربة بني يزناسن لَهُ مَعَ الْحَاج عبد الْقَادِر وَغير ذَلِك مِمَّا اعْتد بِهِ وَكَانَ الْحَاج عبد الْقَادِر فِي هَذِه الْمدَّة قد فَسدتْ نِيَّته أَيْضا فِي السُّلْطَان وَفِي الْجِهَاد مَعَ أَنه مَا كَانَ لجهاده ثَمَرَة ورام الِاسْتِقْلَال وَأخذ فِي استفساد الْقَبَائِل الَّذين هُنَالك وَتحقّق السُّلْطَان بأَمْره وشرى الشَّرّ وتفاقم الْأَمر فَعمد السُّلْطَان رَحمَه الله على حَرْب الفرنسيس وَتقدم إِلَى أهل الثغور بالاستعداد والحراسة وإرهاف الْحَد لما عَسى أَن يحدث ثمَّ عقد لِابْنِ عَمه الْمولى الْمَأْمُون بن الشريف على كَتِيبَة من الْجند ووجهها إِلَى نَاحيَة وَجدّة وعززه بالفقيه أبي الْحسن عَليّ بن الجناوي من أَعْيَان رِبَاط الْفَتْح فَكَانَت لَهُم مناوشة مَعَ رابطة الفرنسيس الَّتِي هُنَالك ثمَّ أَخذ السُّلْطَان رَحمَه الله فِي أَسبَاب الْغَزْو والاستعداد التَّام وحشد الْجنُود واتخاذ الرَّايَات والبنود واستنفار الْقَبَائِل وَقَالَ فِي ذَلِك الْوَزير ابْن إِدْرِيس أشعارا يستنفر بهَا أهل الْمغرب ويحضهم على الْجِهَاد وإيقاظ العزائم لَهُ من ذَلِك قَوْله
(يَا أهل مغربنا حق النفير لكم ... إِلَى الْجِهَاد فَمَا فِي الْحق من غلط)
(فالشرك من جنبات الشرق جاوركم ... من بعد مَا سلم أهل الدّين بالشطط)
(فَلَا يَغُرنكُمْ من لين جَانِبه ... مَا عَاد قبل على الْإِسْلَام بالسخط)
(فَعنده من ضروب الْمَكْر مَا عجزت ... عَن دركه فكرة الشبَّان والشمط)
(فواتح الْمَكْر تبدو من خواتمه ... فَعنده الْمَكْر وَالْمَكْرُوه فِي نمط)
(وَأَنْتُم الْقَصْد لَا تبقن فِي دعة ... إِن السّكُون إِلَى الأعدا من السقط)
(من جاور الشَّرّ لَا يعْدم بوائقه ... كَيفَ الْحَيَاة مَعَ الْحَيَّات فِي سقط)
(قد يغبط الْحر فِي عز يخلده ... وَلَيْسَ حَيّ على ذل بمغتبط)
وَفِي هَذَا الشّعْر تضمين بَيت ابْن الْعَسَّال وَهُوَ مَشْهُور فَاجْتمع للسُّلْطَان رَحمَه الله فِي هَذَا الاستنفار ثَلَاثُونَ ألف فَارس تزيد قَلِيلا أَو تنقص قَلِيلا فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute