للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَالِكِي ولأمر مَا جَاءَت الشَّرِيعَة المطهرة ممتلئة من التحذيرات من مكامن هَذِه الْمَفَاسِد وَنَحْوهَا ورد الْأَسْبَاب والمسببات كلهَا إِلَى الله تَعَالَى مَعَ مَا فِي اسْتِعْمَال هَذِه الكرنتينة مَعَ الِاقْتِدَاء بالأعاجم والتزيي بزِي الْكَفَرَة الضلال ورمقهم بِعَين التَّعْظِيم ونسبتهم إِلَى الْإِصَابَة وَالْحكمَة كَمَا قد يُصَرح بِهِ الحمقى من الْعَوام فَأَما إِذا وَافق قدر بالسلامة عِنْد اسْتِعْمَالهَا فَهِيَ الْفِتْنَة وَالْعِيَاذ بِاللَّه فَأَي مفْسدَة أقبح من هَذِه فَالْحَاصِل أَن الكرنتينة اشْتَمَلت على مفاسد كل مِنْهَا مُحَقّق فَتعين القَوْل بحرمتها وجلب النُّصُوص الشاهدة لذَلِك من الشَّرِيعَة لَا تعوز الْبَصِير وَقد ذكر الْعَلامَة الْحَافِظ الْقُسْطَلَانِيّ فِي تَفْسِير سُورَة النِّسَاء من الْجَامِع الصَّحِيح عِنْد قَوْله تَعَالَى {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم إِن كَانَ بكم أَذَى من مطر أَو كُنْتُم مرضى أَن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركُمْ} مَا نَصه دلّ على وجوب الحذر من جَمِيع المضار المظنونة وَمن ثمَّ علم أَن العلاج بالدواء والاحتراز عَن الوباء والتحرز عَن الْجُلُوس تَحت الْجِدَار المائل وَاجِب اه وَهُوَ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَن الِاحْتِرَاز عَن الوباء وَاجِب بِأَيّ وَجه كَانَ وَلَا يخفى أَنه يتَعَيَّن تَقْيِيده بِالْوَجْهِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مفْسدَة شَرْعِيَّة كَعَدم الْقدوم على الأَرْض الَّتِي بهَا الوباء وَنَحْو ذَلِك مِمَّا وَردت بِهِ السّنة وَلَا تأباه قَوَاعِده الشَّرِيعَة كبعض العلاجات المستعملة فِي إبانة المنقولة عَن أَئِمَّة الطِّبّ أما بِالْوَجْهِ الَّذِي يشْتَمل على مفْسدَة أَو مفاسد كهذه الكرنتينة فَلَا هَذَا مَا تحرر فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَالله أعلم

وَلما وقف على هَذَا الْكَلَام أخونا فِي الله الْعَلامَة الْأُسْتَاذ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الْهَاشِمِي ابْن خضراء السلاوي وَهُوَ الْيَوْم قَاضِي حَضْرَة مراكش كتب إِلَيّ مَا نَصه وَأما حكم الكرنتينه فَهُوَ مَا ذكرْتُمْ من الْحَظْر وَبِه أَقُول لما فِيهِ من الْفِرَار من الْقَضَاء مَعَ الْمَفَاسِد الْعَظِيمَة الَّتِي لَا تفي بهَا مصلحتها على فرض تحققها أَو غَلَبَة ظن حُصُولهَا سِيمَا وَقد انتفيا بعد التجربة المتكررة فِي الْجِهَات المتعددة وَلَا يُخَالف فِي هَذَا الحكم إِلَّا مكابر مُتبع للهوى فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الضلال ثمَّ جلب حفظه الله من النُّصُوص مَا يشْهد لذَلِك تركناها اختصارا وَالله تَعَالَى الْمُوفق بمنه

<<  <  ج: ص:  >  >>