للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصحافون المحترفون بِحمْل خدور العرائس عِنْد الزفاف فيتزينون لذَلِك وَيَكُونُونَ فِي أجمل شارة وَأحسن منظر ويجتمع النَّاس من أَطْرَاف الْمَدِينَة كلهَا لرؤيتها فيمكثون إِلَى حِين يسكن حر الظهيرة وتجنح الشَّمْس للغروب فَيخْرجُونَ بهَا على رؤوسهم كالعذارى يرفلن فِي حلل الْحسن وَهِي عدد كثير كالنحل فيتسابق النَّاس لرؤيتها وتمتد لَهَا الْأَعْنَاق وتبرز ذَوَات الْخُدُور ويتبعها الأطبال والأبواق وَأَصْحَاب المعازف والملاهي حَتَّى تستوي على منصات معدة لَهَا بالإيوان الشريف فتصطف هُنَالك فَإِذا طلع الْفجْر خرج السُّلْطَان فصلى بِالنَّاسِ وَقعد على أريكته وَعَلِيهِ حلَّة الْبيَاض شعار الدولة وأمامه تِلْكَ الشموع الْمُخْتَلفَة الألوان من بيض كالدمى وحمر جليت فِي ملابس أرجوان وخضر سندسية واستحضر من أَنْوَاع الحسك والمباخر مَا يلهي المحزون ويدهش النَّاظر ثمَّ دخل النَّاس أَفْوَاجًا على طبقاتهم فَإِذا اسْتَقر بهم الْمجْلس تقدم الْوَاعِظ فسرد جملَة من فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومعجزاته وَذكر مولده ورضاعه وَمَا وَقع فِي ذَلِك بِاخْتِصَار فَإِذا فرغ انْدفع الْقَوْم فِي الْأَشْعَار المولديات فَإِذا فرغوا تقدم أهل الذّكر المزمزمون بِكَلَام الششتري وأشعار الصُّوفِيَّة ويتخلل ذَلِك نوبَة المنشدين للبيتين فَإِذا فرغوا من ذَلِك كُله قَامَ شعراء الدولة فيتقدم قَاضِي الْجَمَاعَة الشاطبي بلبل مَنَابِر الْجمع والأعياد فينشد قصيدة يفتتحها بالتغزل والنسيب فَإِذا تمّ تخلص لمدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يخْتم بمدح الْمَنْصُور وَالدُّعَاء لَهُ ولولي عَهده فَإِذا قضى نشيده تقدم الإِمَام الْمُفْتِي الْمولى أَبُو مَالك عبد الْوَاحِد الشريف فينشد قصيدته على ذَلِك المنوال فَإِذا فرغ تلاه الْوَزير أَبُو الْحسن عَليّ بن مَنْصُور الشيظمي ثمَّ تلاه الْكَاتِب أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز الفشتالي ويليه الْكَاتِب مُحَمَّد بن عَليّ الفشتالي ويليه الأديب مُحَمَّد بن عَليّ الهوزالي النَّابِغَة ويليه الأديب الْفَقِيه أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد المسفيوي فَإِذا طوى بِسَاط القصائد نشر خوان الْأَطْعِمَة والموائد فَيبْدَأ بالأعيان على مَرَاتِبهمْ ثمَّ يُؤذن للْمَسَاكِين فَيدْخلُونَ جملَة فَإِذا انْقَضتْ أَيَّام المولد الشريف برزت صلات الشُّعَرَاء على أقدارهم هَكَذَا كَانَ دأبه فِي جَمِيع الموالد وَلَا يُحْصى مَا يفرغ فِيهِ من أَنْوَاع الْإِحْسَان

<<  <  ج: ص:  >  >>