(وَترى الْجِهَات وَقد أَتَت منقادة ... بِظَبْيٍ بنيك السَّادة النجباء)
(وتقر عينا بالخليفة مِنْهُم ... وزر الْبَريَّة عدَّة الْأُمَرَاء)
(بِمُحَمد الْمَأْمُون خير من ارْتقى ... درج الْكَمَال ودب للعلياء)
(فرع سيحكي أَصله وَلَقَد حكى ... بمقاصد قد سددت ودهاء)
وَقَالَ الْكَاتِب أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الفشتالي رَحمَه الله تَعَالَى
(هم سلبوني الصَّبْر وَالصَّبْر من شأني ... وهم حرمُوا من لَذَّة الغمض أجفاني)
(وهم أخفروا فِي مهجتي ذمم الْهوى ... فَلم يثنهم عَن سفكها حبي الْجَانِي)
(لَئِن أترعوا من قهوة الْبَين أكؤسي ... فشوقهم أضحى سميري وندماني)
(وَإِن غادرتني بالعراء حمولهم ... كفى أَن قلبِي جَاهد أثر أظعاني)
(قف العيس واسأل ربعهم أَيَّة مضوا ... أللجزع سَارُوا مدلجين أم البان)
(وَهل باكروا بالسفح من جَانب اللوا ... ملاعب آرام هُنَاكَ وغزلان)
(وَأَيْنَ استقلوا هَل بهضب تهَامَة ... أناخوا المطايا أم على كثب نعْمَان)
(وَهل سَالَ فِي بطن المسيل تشوقا ... نفوس ترامت للحمى قبل جثمان)
(وَإِذا زجروها بالْعَشي فَهَل ثنى ... أزمتها الْحَادِي إِلَى شعب بوان)
(وَهل عرسوا فِي دير عبدون أم سروا ... يؤم بهم رهبانهم دير نَجْرَان)
(سروا والدجى صبغ المطارف فانثنى ... بأحداجهم شَتَّى صِفَات وألوان)
(وأدلج فِي الأسحار بيض قبابهم ... فلحن نجوما فِي معارج كُثْبَان)
(لَك الله من ركب يرى الأَرْض خطْوَة ... إِذا زمها بدنا نواعم أبدان)
(أرحها مطايا قد تمشي بهَا الْهوى ... تمشي الحميا فِي مفاصل نشوان)
(ويمم بهَا الْوَادي الْمُقَدّس بالحمى ... بِهِ المَاء صدا والكلا نبت سَعْدَان)
(واهد حُلُول الْحجر مِنْهُ تَحِيَّة ... تفاوح عرفا ذاكي الرند والبان)
(لقد نفحت من شيخ يثرب نفحة ... فهاجت مَعَ الأسحار شوقي وأشجاني)
(وفتت مِنْهَا الشرق فِي الغرب مسكة ... سحبت بهَا فِي أَرض دارين أرداني)
(وأذكرني نجدا وَطيب عراره ... نسيم الصِّبَا من نَحْو طيبَة حياني)
(أحن إِلَى تِلْكَ الْمعَاهد إِنَّهَا ... معاهد راحاتي وروحي وريحاني)