للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْكفَّار سهل واسترجاعها مِنْهُم قريب لما دخلت مراكش فِي أَيَّام الْمَنْصُور وجدت عِنْده من الْخَيل نَحوا من سِتَّة وَعشْرين ألفا فَلَو تحركت همته لفتحها لاستولى عَلَيْهَا فِي الْحِين اه بِالْمَعْنَى اه كَلَام اليفرني

وَأما بَيَان حَالَة الْمَنْصُور فِي السّفر فقد قَالَ شَارِح زهرَة الشماريخ إِن الْمَنْصُور كَانَ قَلِيل الْأَسْفَار وَإِنَّمَا سَافر إِلَى فاس مرَّتَيْنِ لَا غير وَإِنَّمَا كَانَ متفرغا للذاته وَاسْتِيفَاء شهواته مُدَّة خِلَافَته قَالَ اليفرني وَبِه يعلم أَن مَا شاع على الْأَلْسِنَة من أَنه كَانَ يمْكث بفاس سِتَّة أشهر وبمراكش مثلهَا لَيْسَ بِصَحِيح وَالله أعلم

وَكَانَ الْمَنْصُور إِذا سَافر استعد غَايَة الاستعداد وَأحسن فِي التهيئة مَا شَاءَ قَالَ صَاحب النفحة المسكية كَانَ لَهُ قصر من عود مسمر بمسامير ومخاطيف وَحلق وصفائح مفضضة على هَيْئَة عَظِيمَة وَقد أحدق بذلك كُله سرادق كالسور من نَسِيج الْكَتَّان كَأَنَّهُ حديقة بُسْتَان وزخرفة بُنيان وَفِي دَاخل الْقصر الْمَذْكُور القباب الملونة بيضًا وسودا وحمرا وخضرا كَأَنَّهَا أزاهير الرياض قد نقش ذَلِك أحسن النقش ومليء بأبهى الْفرش وللسرادق الَّذِي هُوَ كالسور أَبْوَاب كَأَنَّهَا أَبْوَاب الْقُصُور المشيدة يدْخل مِنْهَا إِلَى دهاليز وتعاريج ثمَّ يَنْتَهِي مِنْهَا إِلَى الْقصر الَّذِي فِيهِ القباب وَهَذَا الْقصر كَأَنَّهُ مَدِينَة تنْتَقل بانتقاله وَهُوَ من الأبهات الملوكية الَّتِي لم يُوجد مثلهَا عِنْد الْمُلُوك الماضين اه

وَمِمَّا يتَعَلَّق بِهِ مَا حَكَاهُ أَبُو فَارس الفشتالي فِي المناهل قَالَ خرج الْمَنْصُور يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة لزيارة أضرحة الصَّالِحين بأغمات قَالَ فتأخرت وَرَاءه فلحقني الْمولى عبد الْوَاحِد بن أَحْمد الشريف وَأَنا فِي أخريات النَّاس فأنشده

(أَبَا فَارس بَان الخليط وودعوا ... )

فَقلت

(وولوا وَحسن الصَّبْر مني شيعوا ... )

فَقَالَ

(وغرد حادي الْبَين وانشقت الْعَصَا ... وَكَاد فُؤَادِي للنوى يتقطع)

<<  <  ج: ص:  >  >>