ذَلِك وَلم يُوَافقهُ على غَرَضه إِلَّا قائده الكرني فَإِنَّهُ ساعده على ذَلِك فَبَعثه الشَّيْخ إِلَيْهَا وَأمره أَن يخليها وَلَا يدع بهَا أحدا من الْمُسلمين فَذهب الكرني الْمَذْكُور وكلم أَهلهَا فِي ذَلِك فامتنعوا من الْجلاء عَنْهَا فَقتل مِنْهُم جمَاعَة وَخرج الْبَاقُونَ وهم يَبْكُونَ تخفق على رؤوسهم ألوية الصغار
وَلما خرج مِنْهَا الْمُسلمُونَ أَقَامَ بهَا الْقَائِد الكرني إِلَى أَن دَخلهَا النَّصَارَى واستولوا عَلَيْهَا فِي رَابِع رَمَضَان سنة تسع عشرَة وَألف وَوَقع فِي قُلُوب الْمُسلمين من الامتعاض لأخذ العرائش أَمر عَظِيم وأنكروا ذَلِك أَشد الْإِنْكَار وَقَامَ الشريف أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن إِدْرِيس العمراني وَدَار على مجَالِس الْعلم بفاس ونادى بِالْجِهَادِ وَالْخُرُوج لإغاثة الْمُسلمين بالعرائش فانضاف إِلَيْهِ أَقوام وعزموا على التَّوَجُّه لذَلِك ففت فِي عضدهم قائدهم حمو الْمَعْرُوف بِأبي دبيرة وَصرف وجوهم عَمَّا قصدوه فِي حِكَايَة طَوِيلَة
وَكَانَ الشَّيْخ لما خَافَ الفضيحة وأنكار الْخَاصَّة والعامة عَلَيْهِ إعطاءه بَلَدا من بِلَاد الْإِسْلَام للْكفَّار احتال فِي ذَلِك وَكتب سؤالا إِلَى عُلَمَاء فاس وَغَيرهَا يذكر لَهُم فِيهِ أَنه لما وغل فِي بِلَاد الْعَدو الْكَافِر واقتحمها كرها بأولاده وحشمه مَنعه النَّصَارَى من الْخُرُوج من بِلَادهمْ حَتَّى يعطيهم ثغر العرائش وَأَنَّهُمْ مَا تَرَكُوهُ خرج بِنَفسِهِ حَتَّى ترك لَهُم أَوْلَاده رهنا على ذَلِك فَهَل يجوز لَهُ أَن يفْدي أَوْلَاده من أَيدي الْكفَّار بِهَذَا الثغر أم لَا فَأَجَابُوهُ بِأَن فدَاء الْمُسلمين سِيمَا أَوْلَاد أَمِير الْمُؤمنِينَ سِيمَا أَوْلَاد سيد الْمُرْسلين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute