وَقَالَ منويل إِنَّه وصل إِلَى قرب تطاوين وَبنى هُنَالك أفراكا وَأقَام ينْتَظر اجْتِمَاع الجيوش عَلَيْهِ ثمَّ سكر ذَات يَوْم على عَادَته وَخرج إِلَى عين مَاء هُنَالك فاستلقى قربهَا فِي نَبَات أَخْضَر أَعْجَبته خضرته فَجَاءَهُ أنَاس من أهل تِلْكَ الْبَلدة فعرفوه وشدخوا رَأسه بصخرة فَقَتَلُوهُ وَيُقَال إِن قَتله كَانَ بِإِشَارَة الثائر أبي محلي الْآتِي ذكره وَإنَّهُ كتب إِلَى المقدمين النقسيس وَأبي الليف يحضهما على قَتله فَقَتَلُوهُ وانتهبوا مَاله وَكَانَ شَيْئا كثيرا وَمن جملَة مَا نهب مِنْهُ نَحْو الْمَدّ من الْيَاقُوت وَبَقِي من أثاثه نَحْو وسق سفينة كَانَ قد تَركه بطنجة فاستولى عَلَيْهِ نصاراها من البرتغال لما قتل وَكَانَ للشَّيْخ عَفا الله عَنهُ مُشَاركَة فِي الْعلم وَيَد فِي مبادئ الطِّبّ أَخذ عَن أَشْيَاخ الحضرتين وَله شعر مُتَقَارب وَمن كِتَابه الأديب المتفنن أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد الغرديس التغلبي وَكَانَ من أهل الإجادة والتبريز فِي صناعَة الْإِنْشَاء قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْعَرَبِيّ الفاسي فِي شَرحه لدلائل الْخيرَات عِنْد قَوْله وَكَانَ لي جَار نساخ مَا نَصه وَقد كَانَ الشَّيْخ الْكَاتِب الرئيس أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الغرديس شيخ كتاب الْإِنْشَاء بِحَضْرَة فاس رَحمَه الله اسْتعَار مني كتاب الأنباء فِي شرح الْأَسْمَاء للإقليشي ثمَّ مرض مرض مَوته فعدته فَوجدت الْكتاب عِنْد رَأسه وَمَعَهُ كراريس مَنْسُوخَة وَأُخْرَى معدة للنسخ فَقَالَ لي إِنِّي إِذا وجدت رَاحَة كتبت مِنْهُ مَا قدرت عَلَيْهِ فَإِذا غلبني مَا بِي أَمْسَكت فَقَالَ لَهُ وَلم تتكلف هَذَا فَقَالَ إِنِّي عصيت الله بِهَذِهِ الْأَصَابِع مَا لَا أحصيه فرجوت أَن يكون مَا أعانيه على هَذِه الْحَال من نسخ هَذَا الْكتاب خَاتِمَة عَمَلي وَكَفَّارَة لذَلِك فكمل الله قَصده وَأتم الْكتاب وَتُوفِّي من مَرضه ذَلِك وَقد طَال بِهِ سنة عشْرين والف اه وَلِهَذَا الْكَاتِب يَقُول الشَّاعِر
(تمتعت يَا غرديس والدهر رَاقِد ... وَأَنت بفاس وَابْن حيون وَاجِد)
(بسعدك راحت خيزران لقبرها ... مصائب قوم عِنْد قوم فَوَائِد)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute