للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعشْرين وَألف أَخذ النَّصَارَى المهدية فَكتب أهل سلا إِلَى السُّلْطَان زَيْدَانَ فَبعث إِلَيْهِم أَبَا عبد الله العياشي الَّذِي كَانَ مقدما بوكالته على الْجِهَاد بدكالة وَهُوَ يَقْتَضِي أَن مَجِيء العياشي إِلَى سلا كَانَ بِإِذن السُّلْطَان لَا فِرَارًا مِنْهُ وَالْأول أصح اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مَجِيئه فَارًّا كَانَ بعد هَذَا التَّارِيخ وَالله أعلم

وَأمر أَبُو عبد الله العياشي أهل سلا بالتهيؤ للغزو واتخاذ الْعدة فَلم يجد عِنْدهم إِلَّا نَحْو الْمِائَتَيْنِ مِنْهَا وَكَانَت السنون والفتن قد أضعفتها فحضهم على الزِّيَادَة والاستكثار مِنْهَا فَكَانَ مبلغ عدتهمْ بِمَا زادوه زهاء أَرْبَعمِائَة ثمَّ نَهَضَ بهم إِلَى المعمورة فصادف بهَا من النَّصَارَى غرَّة فَكَانَت بَينه وَبينهمْ حَرْب قربهَا إِلَى أَن غربت الشَّمْس فَقتل من النَّصَارَى زهاء أَرْبَعمِائَة وَمن الْمُسلمين مِائَتَان وَسَبْعُونَ وَهَذِه أول غَزْوَة أوقعهَا فِي أَرض الغرب بعد صدوره من ثغر آزمور وَمِنْهَا أقصرت النَّصَارَى عَن الْخُرُوج إِلَى الغابة وضاق بهم الْحَال

ثمَّ إِن السُّلْطَان زَيْدَانَ لما بلغه اجْتِمَاع النَّاس على سَيِّدي مُحَمَّد العياشي بسلا وسلامته من غدرة قائده السنوسي بعث إِلَى قائده على عَسْكَر الأندلس بقصبة سلا الْمَعْرُوف بالزعروري وَأمره باغتياله وَالْقَبْض عَلَيْهِ ففاوض الزعروري أَشْيَاخ الأندلس فِي ذَلِك فاتفق رَأْيهمْ على أَن يكون مَعَ العياشي جمَاعَة مِنْهُم عينا عَلَيْهِ وطليعة على نِيَّته واستخبارا لما هُوَ عازم عَلَيْهِ وَمَا هُوَ طَالب لَهُ فلازمه بَعضهم وَشعر العياشي بذلك فانقبض عَن الْجِهَاد وَلزِمَ بَيته

ثمَّ إِن الله أوقع النفرة بَين السُّلْطَان زَيْدَانَ وَبَين أهل الأندلس وَذَلِكَ أَن السُّلْطَان الْمَذْكُور كَانَ قد بعث قبل ذَلِك إِلَى الْقَائِد الزعروري أَن يُجهز إِلَى درعة أَرْبَعمِائَة من أندلس سلا فجهزهم إِلَيْهَا وطالت غيبتهم بهَا ففر أَكْثَرهم ونفرت قُلُوبهم عَن الزعروري وسلطانه فَكَانَ زَيْدَانَ يبْعَث إِلَى أهل الأندلس بسلا بتجديد الْبَعْث إِلَى درعة فيأبون الانقياد إِلَيْهِ فِي ذَلِك وكرهوه وأزمعوا على خلع طَاعَته ثمَّ وشوا إِلَيْهِ بقائده الزعروري فَبعث زَيْدَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>