للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا لم يصلح بِغَيْرِهِ من أهل الزَّمَان فَقَامَ وأعانه عَلَيْهِ قوم آخَرُونَ حَتَّى مَلأ الدُّنْيَا صياحا ودعاوى وعياطا وأكاذيب لَا يشْهد لَهَا عقل وَلَا نقل فتمرد على الْمُسلمين حَتَّى لم يسلمُوا من لِسَانه وَيَده فَقتل وَنهب وَسَب واغتاب وَحمل نَفسه مَا لَا تُطِيقهُ فاستهوته شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ وَالنَّفس والهوى ثمَّ بعد ذَلِك كُله لم يحصل من سَعْيه على طائل وآفته الْغَفْلَة عَن الْكتاب وَالسّنة وَالرِّضَا عَن النَّفس حَتَّى أَنه حكمهَا فَصَارَت تلعب بِهِ إِلَى أَن فَاه وَادّعى بدعاوى استبيح بهَا مَا كَانَ مَعْصُوما من دَمه وَهَلَكت بِسَبَبِهِ بعده نفوس وأموال وَغير ذَلِك أيشك من ارتاض بِالْكتاب وَالسّنة وَنظر بِعَين الشَّرِيعَة إِن فعله ذَلِك مِمَّا حمله عَلَيْهِ من تجب مُخَالفَته من الشَّيْطَان وَالنَّفس والهوى وَرُبمَا اسحسن فعله ذَلِك من شيعته من ابْتُلِيَ بِهِ أَو قَلّدهُ تقليدا رديا فِي فعله فَإِن توليت فَإِنَّمَا عَلَيْك إِثْم الأريسيين وَإِلَى الْآن كَانُوا يستصوبون فعله ويستحسنون قَوْله مَعَ أَنه بمعزل عَن الْكتاب وَالسّنة

فَإِن قلت وَهَذِه طَائِفَة الْفُقَرَاء مَا بَين متعصب متحزب ومتحيل متصيد ومتسور على مَا اسْتَأْثر بِهِ الْبَارِي من الغيوب مرتكب للآثام مصر على الْعُيُوب قلت وَهَذِه طَائِفَة الْفُقَرَاء فِيهَا جلّ مَا تقدم وزيادات تضيق عَن الْإِحَاطَة بهَا السطور والطروس قد بددتها وَالْعِيَاذ بِاللَّه الْفِتَن وشردها مَا تخوفته من المحن بَانَتْ الْعُلُوم واضمحلت الفهوم وتعطلت الرسوم فَلَا مَنْطُوق يذكر وَلَا مَفْهُوم

(هَذَا الزَّمَان الَّذِي كُنَّا نحاذره ... فِي قَول كَعْب وَفِي قَول ابْن مَسْعُود)

وَقلت وَهَذَا الشَّيْخ أَبُو زَكَرِيَّاء وَهُوَ الَّذِي يساق إِلَى نصحه الحَدِيث كُنَّا نستسقي بِهِ ونستشفي وَكَانَت تشد إِلَيْهِ الرّحال وَلَا يأنف من إِتْيَانه النِّسَاء وَالرِّجَال قد أَتَتْهُ من أقطار مغربنا الْوُفُود ودانت لَهُ الذئاب وَالْأسود وَكَانَ يعلم الْجُهَّال وَيهْدِي الضلال وَيطْعم الجائع ويكسو الْعُرْيَان ويعين ذَا الْحَاجة ويغيث اللهفان وَهِي سَبِيل يَا لَهَا من سَبِيل وَطَرِيقَة مَا أحْسنهَا من طَريقَة ثمَّ صَارَت تِلْكَ الجموع وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا أَيدي سبا

<<  <  ج: ص:  >  >>