وَلما وصل أَبُو عبد الله إِلَى الجديدة وجد طَائِفَة من أَوْلَاد أبي عَزِيز قد نذروا بِهِ ولجؤوا إِلَى القبطان خوفًا مِنْهُ أَن يُوقع بهم لأجل مهادنتهم للْكفَّار واتصالهم بهم فَخرج القبطان فِي خيله وَكَانَ سَيِّدي مُحَمَّد كامنا بِإِزَاءِ الجديدة بِالْغَابَةِ الَّتِي كَانَت هُنَاكَ وَقد زَالَت الْيَوْم فَلَمَّا انْفَصل القبطان بجيشه عَن الجديدة حمل عَلَيْهِم أَبُو عبد الله فقطعهم عَنْهَا فَفرُّوا إِلَى جِهَة الْبَحْر فأوقع بهم فهلكوا وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا سَبْعَة وَعِشْرُونَ رجلا فَتغير صَاحب مراكش من ذَلِك وَأنكر مَا صنع أَبُو عبد الله وَكَذَا أنكرهُ قاضيه الْفَقِيه أَبُو مهْدي السكتاني
وَقد ذكر لويز مَارِيَة خبر هَذِه الْوَقْعَة فَقَالَ إِن طَائِفَة من الْمُسلمين قدمُوا على قَائِد البرتغال بالجديدة وَقَالُوا لَهُ إِنَّا قد جئْنَاك من عِنْد الْمولى مُحَمَّد بن الشريف يطْلب مِنْك تعينه بِجَمَاعَة من عسكرك على بعض عدوه فأسعفهم بذلك وَكَانَ شَابًّا غرا لم يجرب الْأُمُور فَنَهَاهُ بعض كبار عسكره وحذره عَاقِبَة الْغدر فَأبى وعزم على الْخُرُوج مَعَ أُولَئِكَ الْمُسلمين وتقاعد عَنهُ عسكره فَقَالَ لَهُم إِنِّي أخرج وحدي وَذهب ليخرج وَحده فتبعوه حِينَئِذٍ وَكَانُوا مائَة وَأَرْبَعين فَارِسًا فَلَمَّا انفصلوا عَن الجديدة بمسافة وجدوا خيلا كَثِيرَة كامنة لَهُم فَلم يشعروا حَتَّى أحاطت بهم نصف دَائِرَة مِنْهُم فَمَا كلموهم حَتَّى كملت الدائرة عَلَيْهِم وصاروا مركزها فَحِينَئِذٍ الْتفت قَائِد الْعَسْكَر إِلَى ذَلِك الرجل الَّذِي نَهَاهُ عَن الْخُرُوج وَقَالَ لَهُ مَا الْحِيلَة فَأَجَابَهُ بِأَن الْحِيلَة الْقِتَال حَتَّى نموت ثمَّ أنْشد لَهُ شعرًا مضمنه إِنِّي أَشرت عَلَيْك وَأَنت أعظم جاها مني فَلم تسمع والآن نقْتل مَعًا وتختلط دماؤنا حَتَّى لَا يتميزان وَلَا يعرف دم الشريف من الوضيع وَالْحَاصِل أَن الْمُسلمين أوقعوا بهم حَتَّى لم يرجع مِنْهُم إِلَى الجديدة إِلَّا ثَلَاثَة وَأسر مِنْهُم خَمْسَة عشر أَحيَاء وَالْبَاقِي أَتَى عَلَيْهِ الْقَتْل وَقَامَت بالجديدة مناحة عَظِيمَة لم يتَقَدَّم مثلهَا وسجن الْأُسَارَى بسلا سِنِين فِي بعض دهاليزها حَتَّى افتداهم سلطانهم خوان الَّذِي جمع مملكتهم من يَد الإصبنيول انْتهى