يضرّهُ يضرنا علم ذَلِك منا يَقِينا من لَهُ مَعنا أدنى مُخَالطَة بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ أَن يدْفع ذَلِك بِنَوْع من المغالطة وَإِن الضار بِالْعينِ ضار بإنسانها لَكِن النُّفُوس الإنسانية مَحل لخطاها ونسيانها وَمن أقمناه لديكم مقَام الْخَادِم وَالْولد قد ساءنا مِنْهُ مَا ساءكم مِمَّا عَنهُ ورد وطلبنا من جميل أوصافكم مُعَامَلَته بالصفح والجميل فَلَنْ يزَال الْإِنْسَان إِلَّا من عصمه الله يستمال أَو يمِيل وَلَوْلَا الْحَرَارَة مَا عرف الظل وَلَوْلَا الوابل لقيل النِّهَايَة فِي الطل وَمَا عرف الْعَفو لَوْلَا الْإِسَاءَة وَلَا يُقَال صَبر الْمَرْء إِلَّا فِيمَا سَاءَهُ وَمَا عرفنَا صَاحبه إِلَّا محبا لجَانب كل من للدّين ينتسب فَإِن خرج عَن نظركم فقد أَتَاهُ الْغَلَط من لَا يحْتَسب انْتهى
وَكَانَ الشَّيْخ ابْن أبي بكر رَحمَه الله يُطِيل الثَّنَاء على أبي عبد الله العياشي ويذيع محاسنه وَكَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ أجز عَنَّا سَيِّدي مُحَمَّد العياشي أفضل المجازاة وكافه أحسن الْمُكَافَأَة وَاجعَل مكافأتك لَهُ كشف الْحجب عَن قلبه حَتَّى تكون أقرب إِلَيْهِ مِنْهُ اللَّهُمَّ لَا تحرمه توجهه إِلَيْك وانقطاعه لخدمتك اللَّهُمَّ نفس كربته وكمل رغبته وأجب دَعوته وسدد رميته واردد لَهُ الكرة على من عداهُ فِي الْحق إِنَّك على كل شَيْء قدير انْتهى
فَهَذَا حَال الشَّيْخ ابْن أبي بكر رَحمَه الله مَعَ أبي عبد الله العياشي ثمَّ قدر الله أَن حدث بَين أَوْلَاده وَبَين العياشي من النفرة مَا أفْضى إِلَى الْمُقَاتلَة وَذَلِكَ بِسَبَب رده شفاعتهم فِي أهل الأندلس وَأُمُور أخر فَأَجْمعُوا على حربه كَمَا قُلْنَا فَخرج إِلَيْهِم أَبُو عبد الله العياشي فأوقع بهم وَهزمَ جموعهم وفتك بالعرب الَّذين كَانُوا مَعَ التاغي فتفرقت الجموع وتبرأ التَّابِع من الْمَتْبُوع
ثمَّ ذهب أَبُو عبد الله العياشي إِلَى طنجة بِقصد الْجِهَاد فَلَمَّا قفل من غَزوه وجد البربر من أهل الدلاء قد وصلوا إِلَى أَطْرَاف أزغار وَمَعَهُمْ التاغي والدخيسي وَأهل حزبهم من الكدادرة وَغَيرهم وعزموا على مصادمة أبي عبد الله فَأَرَادَ أَن يغض الطّرف عَنْهُم وَيصرف عنانه عَن جهتهم فَلم يزل أَصْحَابه