للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلما وصلت الرُّسُل إِلَى الْمولى مُحَمَّد وَقَرَأَ الْكتاب اغتاظ مِمَّا تضمنه من العتاب فأحضر الرُّسُل وعاتبهم على قَول مرسلهم وتحامله عَلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ نَحن أَتَيْنَاك سفراء برسالة باشا الجزائر فَاكْتُبْ لنا الْجَواب وَلَا تقابلنا بعتاب فَقَالَ صَدقْتُمْ فَكتب إِلَيْهِم بِكِتَاب يَقُول فِي أَوله وَبعد فقد كتبناه إِلَيْكُم من غرَّة جبين الصحارى وصرة أَمْصَار المغارب والبراري مُغنِي سجلماسة الَّتِي هِيَ قَاعِدَة الْعَرَب والبربر الْمُسَمَّاة فِي الْقَدِيم كنز الْبركَة حالتي السّكُون وَالْحَرَكَة وَمضى فِي كِتَابه إِلَى أَن خَتمه وَلم يجبهم إِلَى مَا أَرَادوا

وَلما رجعُوا برسالته إِلَى صَاحب الجزائر قَرَأَهَا بِمحضر أَرْبَاب الدِّيوَان ثمَّ ردهم فِي الْحِين دون كتاب وَلما قدمُوا على الْمولى مُحَمَّد ثَانِيَة قَالُوا لَهُ إِنَّه لم يكن لنا علم بِمَا فِي الْكتاب وَلَو اكتفينا بِهِ مَا رَجعْنَا إِلَيْك نَحن جئْنَاك لتعمل مَعنا شَرِيعَة جدك وتقف عِنْد حدك فَمَا كَانَ جدك يحارب الْمُسلمين وَلَا يَأْمر بِنَهْب الْمُسْتَضْعَفِينَ فَإِن كَانَ غرضك فِي الْجِهَاد فرابط على الْكفَّار الَّذين هم مَعَك فِي وسط الْبِلَاد وَإِن كَانَ غرضك فِي الِاسْتِيلَاء على دولة آل عُثْمَان فابرز إِلَيْهَا واستعن بالرحيم الرَّحْمَن فَلَا يكن عَلَيْك فِي ذَلِك ملام فَهَذَا مَا جِئْنَا لَهُ وَالسَّلَام وَأما إيقاد نَار الْفِتْنَة بَين الْعباد فَلَيْسَ من شيم أهل الْبَيْت الأمجاد وَلَا يخفى عَلَيْك أَن مَا تَفْعَلهُ حرَام لَا يجوز فِي مَذْهَب من مَذَاهِب الْمُسلمين وَلَا قانون من قوانين الأعجام وَهَذَانِ فقيهان من عُلَمَاء الجزائر قد جَاءَا إِلَيْك حَتَّى يسمعا مِنْك مَا تَقوله وَيحكم الله بَيْننَا وَبَيْنك وَرَسُوله فقد تعطلت تِجَارَتِنَا وأجفلت عَن وطننا رعيتنا فَمَا جوابك عِنْد الله فِي هَذَا الَّذِي تَفْعَلهُ فِي بِلَادنَا وَأَنت ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أَنه لم يعجزنا أَن نفعله نَحن فِي بِلَادكُمْ ورعيتكم على أننا محمولون على الظُّلم والجور عنْدكُمْ لَكِن تأبى ذَلِك همة سلطاننا

فَلَمَّا سمع الْمولى مُحَمَّد كَلَامهم أثر فِيهِ وعظهم وداخلته القشعريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>