دَار ابْن مشعل وَأَنَّهُمْ قد مدوا يَد الْوِفَاق إِلَى ابْن مُحرز وراسلوه وراسلهم وانبرم كَلَامهم مَعَه على حَرْب السُّلْطَان وبلغه مثل ذَلِك من نَائِبه بمراكش فَكتب إِلَيْهِ أَن يحْتَاط فِي حراسة مراكش وَيَأْخُذ بالحزم فِي ذَلِك وَيُقِيم فِي نحر ابْن مُحرز إِلَى أَن يرجع السُّلْطَان من غَزْو تلمسان ثمَّ خرج رَحمَه الله بالعساكر لمصادمة التّرْك فَوَجَدَهُمْ قد رجعُوا إِلَى بِلَادهمْ لما بَلغهُمْ من خُرُوج النَّصَارَى بشرشال فَسَارُوا إِلَيْهِم وفتكوا فيهم فتكة بكرا وردوهم على أَعْقَابهم صاغرين وَرجع السُّلْطَان رَحمَه الله من وجهته وَقد دخلت سنة أَربع وَتِسْعين وَألف فَسَار على تفئته إِلَى مراكش فأراح بهَا ثمَّ نَهَضَ مِنْهَا إِلَى السوس فَالتقى بِابْن أَخِيه الْمولى أَحْمد بن مُحرز فِي أَوَاخِر ربيع الثَّانِي من السّنة وَقَامَت الْحَرْب بَينهمَا على سَاق وَاسْتمرّ الْقِتَال نَحوا من خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا هلك فِيهَا من الْفَرِيقَيْنِ مَا لَا يُحْصى وَدخل ابْن مُحرز تارودانت فتحصن بهَا وَكَانَ الْوَقْت وَقت غلاء فَضَاقَ الْأَمر على أهل الْحَرَكَة فَجعلُوا يهربون وَكثر فيهم السجْن وَالضَّرْب وَالرَّدّ إِلَيْهَا فِي الْحِين ثمَّ كَانَ بَينهمَا حَرْب أُخْرَى هلك فِيهَا خلق كثير نَحْو أَلفَيْنِ وجرح السُّلْطَان وجرح ابْن مُحرز أَيْضا وَذَلِكَ فِي أواسط جُمَادَى الْآخِرَة من السّنة وَاسْتمرّ الْحَال على ذَلِك إِلَى رَمَضَان من السّنة
قَالَ أَبُو عبد الله أكنسوس حَدثنِي بعض الثِّقَات أَن السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل رَحمَه الله لما أعياه أَمر ابْن أَخِيه الْمَذْكُور أصبح ذَات يَوْم دهشا كئيبا فَقَالَ لوزيره الْفَقِيه أبي الْعَبَّاس اليحمدي إِنِّي رَأَيْت فِي هَذِه اللَّيْلَة رُؤْيا أحزنتني إِلَى الْغَايَة فَقَالَ وَمَا هِيَ يَا مَوْلَانَا وَعَسَى أَن تكون خيرا قَالَ رَأَيْت كَأَن هَذِه الْجنُود الَّتِي مَعنا مَا بَقِي مِنْهَا أحد وَلم يبْق إِلَّا أَنا وَأَنت مختفيين فِي غَار مظلم فَسجدَ الْوَزير اليحمدي شكرا لله تَعَالَى وَأطَال السُّجُود ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ أبشر يَا مَوْلَانَا فقد نصرنَا الله على هَذَا الرجل فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان وَمن أَيْن لَك ذَلِك فَقَالَ لَهُ من قَوْله تَعَالَى {ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا} التَّوْبَة ٤٠
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute