نَفسه كتب بِخَطِّهِ رقْعَة وأذاعها فِي النَّاس يَقُول فِيهَا مَا نَصه الْحَمد لله يشْهد الْوَاضِع اسْمه عقبه على نَفسه وَيشْهد الله تَعَالَى وَمَلَائِكَته وَجَمِيع خلقه أَنِّي مَا امْتنعت من الْمُوَافقَة على تمْلِيك من ملك من العبيد إِلَّا لِأَنِّي لم أجد لَهُ وَجها وَلَا مسلكا وَلَا رخصَة فِي الشَّرْع وَأَنِّي إِن وَافَقت عَلَيْهِ طَوْعًا أَو كرها فقد خُنْت الله وَرَسُوله وَالشَّرْع وَخفت من الخلود فِي النَّار بِسَبَبِهِ وَأَيْضًا فَإِنِّي نظرت فِي أَخْبَار الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين حِين أكْرهُوا على مَا لم يظْهر لَهُم وَجهه فِي الشَّرْع فرأيتهم مَا آثروا أَمْوَالهم وَلَا أبدانهم على دينهم خوفًا مِنْهُم على تَغْيِير الشَّرْع واغترار الْخلق بهم وَمن ظن بِي غير ذَلِك وافترى على مَا لم أَقَله وَمَا لم أَفعلهُ فَالله الْموعد بيني وَبَينه وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل وَالسَّلَام وَكتب عبد السَّلَام بن حمدون جسوس غفر الله ذَنبه وَستر فِي الدَّاريْنِ عَيبه صَبِيحَة يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة وَألف اه
ثمَّ بعد ذَلِك بيومين أَمر أَبُو عَليّ الروسي بقتْله فَقتل رَحمَه الله خنقا بعد أَن تَوَضَّأ وَصلى مَا شَاءَ الله ودعا قرب السحر من لَيْلَة الْخَمِيس الْخَامِس وَالْعِشْرين من ربيع الثَّانِي من السّنة الْمَذْكُورَة وَدفن لَيْلًا على يَد الْقَائِد أبي عَليّ الروسي انْتهى مَا وَجَدْنَاهُ مُقَيّدا
وَاعْلَم أَن قَضِيَّة الْفَقِيه أبي مُحَمَّد رَحمَه الله من القضايا الفظيعة فِي الْإِسْلَام والأسباب الَّتِي أثارتها أَولا وأكدتها ثَانِيًا حَتَّى نفذ أَمر الله فِيمَا قَضَاهُ وَقدره فِي أزله بَعْضهَا ظَاهر وَبَعضهَا خَفِي الله أعلم بحقيقته غير أَن الْمَعْرُوف من حَال الْفَقِيه الْمَذْكُور هُوَ الصلابة فِي الدّين والورع التَّام وناهيك بِشَهَادَتِهِ هَذِه دَلِيلا على ذَلِك وَقَضيته قد تَعَارَضَت فِيهَا الأنقال ودخلها التعصب فَلَا يُوقف مِنْهَا على تَحْقِيق وغفران الله وَرَاء الْجَمِيع فَإِنَّهُ تَعَالَى أهل التَّقْوَى وَأهل الْمَغْفِرَة قَالَ أَبُو عبد الله أكنسوس وَقد جرى ذكر قَضِيَّة الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد عبد السَّلَام هَذَا بِمَجْلِس السُّلْطَان المرحوم الْمولى سُلَيْمَان ابْن مُحَمَّد فَقَالَ مَا قَتله مَوْلَانَا إِسْمَاعِيل وَإِنَّمَا قَتله أهل فاس قَالَ وَلم يمكنا أَن نَسْأَلهُ عَن حَقِيقَة ذَلِك اه وَفِي شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة عزل