جمَاعَة مِنْهُم الْمَدِينَة لقَضَاء أغراضهم
وَفِي أثْنَاء ذَلِك أغار عَلَيْهِم الودايا ففضوهم وَقتلُوا مِنْهُم كثيرا فَأَمرهمْ السُّلْطَان أَن يعلقوا رؤوسهم على سور قَصَبَة شرافة فَفَعَلُوا ثمَّ بدا لأهل فاس فِي مُرَاجعَة طَاعَة السُّلْطَان فبعثوا إِلَيْهِ فِي ذَلِك فأجابهم بِأَن يقدموا عَلَيْهِ فَخرج إِلَيْهِ الْعلمَاء والأشراف والأعيان فَلَمَّا مثلُوا بَين يَدَيْهِ عدد عَلَيْهِم أفعالهم ووبخهم وَشرط عَلَيْهِم شُرُوطًا مِنْهَا أَن يعطوه زرع أهل الغرب المخزون عِنْدهم وَأَن يهدموا دُورهمْ ويبنوا بأنقاضها دَار الدبيبغ ويختاروا إِحْدَى خَصْلَتَيْنِ إِمَّا أَن يَكُونُوا جَيْشًا وَإِمَّا أَن يَكُونُوا نائبة فَقَالُوا نَجْتَمِع على هَذَا الْأَمر مَعَ إِخْوَاننَا وَيكون الْجَواب وَلما رجعُوا من عِنْده أغلقوا أَبْوَاب مدينتهم وَقَالُوا لَا نقبل شَيْئا من ذَلِك كُله وعادت الْحَرْب جَذَعَة وَارْتَفَعت الأسعار وعظمت الأخطار وَفِي سَابِع ذِي الْحجَّة من سنة تسع وَخمسين وَمِائَة وَألف نهب عَامَّة فاس قفاطين المخزن الَّتِي كَانَت بفندق النجارين على يَد الْأمين الْحَاج الْخياط عديل وَأَرَادُوا مصادرته على مَال المخزن الَّذِي عِنْده فَافْتدى مِنْهُم بِثَلَاثَة آلَاف مِثْقَال فأطلقوه بعد الْقَبْض عَلَيْهِ وَكَانَت القفاطين ثَلَاثَة آلَاف قفطان فرقوها على رماتهم يُعِيدُوا بهَا عيد الْأَضْحَى واستمرت الْحَرْب بَينهم وَبَين الودايا وَسَائِر شيعَة السُّلْطَان إِلَى أَن دخلت سنة سِتِّينَ وَمِائَة وَألف
وَفِي أَوَائِل جُمَادَى الأولى مِنْهَا قدمت قبائل البربر وقبائل الغرب لمشايعة أهل فاس على حَرْب السُّلْطَان فَنزل مُحَمَّد واعزيز فِي بربره بجبل أطغات وَنزل حبيب الْمَالِكِي فِي أهل الغرب وطليق والخلط بدار الأضياف وانجحر الودايا بفاس الْجَدِيد وَالْعَبِيد بقصبة شراقة وَالسُّلْطَان بدار الدبيبغ وضاق الخناق على السُّلْطَان وشيعته وَمن الْغَد ركب حبيب فى عربه وزحف إِلَى السُّلْطَان بدار الدبيبغ والبربر على أَثَره وَلما وصل إِلَى حزيمها بلغه أَن البربر قد نهبوا محلته فَرجع مُنْهَزِمًا وَعبر الْوَادي وَتوجه إِلَى بِلَاده وَأما البربر فَإِنَّهُم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute