مر فَوَثَبَ عَلَيْهِ أهل الرِّيف وقبضوا عَلَيْهِ ونهبوا خيله ومضاربه وأثاثه وسلبوا أَصْحَابه وامتحنوه وأوثقوه حَتَّى يبعثوا بِهِ إِلَى أَخِيه الْمولى عبد الله ثمَّ بدا لَهُم فسرحوه وَلما خلص من المحنة كتب إِلَى أَخِيه الْمولى عبد الله وَهُوَ بفاس يعْتَذر إِلَيْهِ عَمَّا سلف مِنْهُ وَيطْلب مِنْهُ محلا يسْتَقرّ بِهِ فَأَجَابَهُ السُّلْطَان الْمولى عبد الله بأنك لم تأت إِلَيّ ذَنبا وَلم ترتكب فِي حَقي عَيْبا إِنَّمَا كنت تطلب ملك أَبِيك كَمَا كنت أطلب ملك أبي والآن فَإِن أردْت الخمول مثلي فأقم بآصيلا واسكن بهَا فَهِيَ أحسن من دَار الدبيبغ الَّتِي أَنا بهَا وأرح نَفسك كَمَا أرحتها وَإِن كنت إِنَّمَا تطلب الْملك فشأنك وإياه فَإِنِّي لَا أنازعك فِيهِ وَالسَّلَام فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ كتاب السُّلْطَان انْتقل إِلَى آصيلا واستوطنها واعتنى بهَا وَأصْلح مَا يحْتَاج إِلَى الْإِصْلَاح مِنْهَا وَأصْلح دَار الْخضر غيلَان الَّتِي بقصبتها وسكنها سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف وَاجْتمعَ عَلَيْهِ بعض أهل الطمع والشره مِمَّن كَانَ هُنَالك فدلوه على وسق الزَّرْع للْكفَّار وتوسطوا لَهُ فِي الْكَلَام مَعَ بعض تجار النَّصَارَى الَّذين بطنجة وتعاقدوا مَعَه على وسقه فانتقل ذَلِك التَّاجِر إِلَى آصيلا وَلما قدم عَلَيْهِ مركبه وسق الزَّرْع وَأدّى صاكته أَي واجبه فَظهر للْمولى المستضيء الرِّبْح فِي ذَلِك فشرهت نَفسه وَرغب فِي شِرَاء الزَّرْع وَبيعه مِمَّن يَأْتِيهِ من التُّجَّار وتسامع النَّصَارَى بِأَن الزَّرْع يوسق من مرسى آصيلا فَلم تمض إِلَّا أَيَّام قَلَائِل حَتَّى قدمت مراكبهم من كل وَجه وعمرت المرسى وَقصد الْأَعْرَاب الْبَلَد بالقمح وَالشعِير من كل فج وَالْمولى المستضيء يَشْتَرِي مِنْهُم وَيبِيع لِلنَّصَارَى والمراكب تسق مَا قدرت عَلَيْهِ فَكَانَ يحصل لَهُ الرِّبْح فِي ذَلِك مضاعفا ربح الثّمن وَربح الصاكة فحسنت حَاله وأثرى وَكثر تابعوه وَأخذ فِي شِرَاء الْعدة من تطاوين وتسليح أَصْحَابه وتقويمهم واتصل خَبره بالسلطان الْمولى عبد الله فندم على إِذْنه لَهُ فِي الْمقَام هُنَالك وَكتب إِلَى الْقَائِد أبي مُحَمَّد عبد الله السفياني يَأْمُرهُ بالزحف إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute