مُتبع يجمع شتات الْإِيمَان ويحمي حوزة الدّين وبيضة الْإِسْلَام ويرعى مصلحَة الْمُسلمين وغبطة الْأَنَام وَلَا يستتب ذَلِك إِلَّا بنجدته وشوكته وَجُنُوده وعدته فيهم مجاهدة الْكفَّار وحماية الثغور وكف أَيدي الطغاة المارقين ومنعهم من مد الْأَيْدِي إِلَى الْأَمْوَال وَالْحرم والأزواج فهم الحراس للدّين عَن أَن تنْحَل دعائمه وتتخاذل قواه بتوغل الْكفَّار فِي بِلَاد الْمُسلمين وهم الحماة للدنيا عَن أَن يخْتل نظامها بالتغالب والتسالب والتواثب من طغام النَّاس بِفضل العرامة والباس وَلَا يخفى عَلَيْكُم كَثْرَة مؤنهم واستيعاب حاجاتهم فِي نُفُوسهم وعيالهم والمرصد لَهُم خمس الْخمس من الْغَنَائِم والفيء وَذَلِكَ مِمَّا يضيق فِي غَالب الْأَمر عَن الْوَفَاء بخراجاتهم والكفاية لحاجاتهم وَلَيْسَ يعم ذَلِك الا بتوظيف الْخراج على الْأَغْنِيَاء فَإِن كُنْتُم تتبعون الْمصَالح فَلَا بُد من الترخيص فِي ذَلِك مَعَ ظُهُور الْمصلحَة
قُلْنَا الَّذِي نرَاهُ جَوَاز ذَلِك عِنْد ظُهُور الْمصلحَة وَإِنَّمَا النّظر فِي بَيَان وَجه الْمصلحَة فَنَقُول أَولا التوظيف فِي عصرنا هَذَا مزاجه ومنهاجه ظلم مَحْض لَا رخصَة فِيهِ فَإِن آحَاد الْجند لَو استوفيت جراياتهم ووزعت على الكافة لكفتهم بُرْهَة من الدَّهْر وَقدرا صَالحا من الْوَقْت وَقد شمخوا بتنعمهم وترفههم فِي الْعَيْش وإسرافهم فِي إفَاضَة الْأَمْوَال على العيارة ووجوه التجمل على سَائِر الأكاسرة فَكيف يقدر احتياجهم إِلَى توظيف خراج لإمدادهم وإرفاقهم وكافة أَغْنِيَاء الدَّهْر فُقَرَاء بِالْإِضَافَة إِلَيْهِم فَأَما لَو قَدرنَا إِمَامًا مُطَاعًا مفتقرا إِلَى تَكْثِير الْجند لسد الثغور وحماية الْملك بعد اتساع رقعته وانبساط خطته وَقد خلا بَيت المَال عَن المَال وأرهقت حَاجَة الْجند إِلَى مَا يكفيهم وخلت عَن مِقْدَار كفايتهم أَيْديهم فللإمام أَن يوظف على الْأَغْنِيَاء مَا يرَاهُ كَافِيا لَهُم فِي الْحَال إِلَى أَن يظْهر مَال فِي بَيت المَال ثمَّ إِلَيْهِ النّظر فِي توظيف ذَلِك على وُجُوه الغلات والارتفاقات بِحَيْثُ لَا يُؤَدِّي تَخْصِيص بعض النَّاس بِهِ إِلَى إيغار الصُّدُور وإيحاش الْقُلُوب وَيَقَع ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute