باشدورا إِلَى السُّلْطَان مصطفى العثماني وأصحبه هَدِيَّة نفيسة مُكَافَأَة لَهُ على هديته الَّتِي كَانَ أرسلها مَعَ السَّيِّد الطَّاهِر بن عبد السَّلَام السلاوي وَالسَّيِّد الطَّاهِر بناني الرباطي حَسْبَمَا مر
ثمَّ لما دخلت سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَألف قدم الْحَاج عبد الْكَرِيم الْمَذْكُور من عِنْد السُّلْطَان الْمَذْكُور وَمَعَهُ هَدِيَّة عَظِيمَة أعظم من الأولى وَهِي مركب موسوق بالمدافع والمهاريس النحاسية وإقامتها وَإِقَامَة المراكب القرصانية من صوار ومخاطيف وقلوع وقمن وحبال وبراميل وَغير ذَلِك من آلَات الْبَحْر وفيهَا ثَلَاثُونَ من مهرَة المعلمين الَّذين لَهُم الْمعرفَة بأفراع المدافع والمهاريس والكور والبنب وبصناعة المراكب القرصاينة وَفِيهِمْ معلم مجيد فِي الرَّمْي بالمهراس إِلَى الْغَايَة فنزلوا بمرسى العرائش
قَالَ صَاحب الْبُسْتَان وَكنت يَوْمئِذٍ واليا بهَا فورد أَمر السُّلْطَان بتوجيه المعلمين إِلَى فاس يُقِيمُونَ بهَا حَتَّى يقدم السُّلْطَان من مراكش إِلَى مكناسة فيجتمعون بِهِ هُنَالك وَلما وصل السُّلْطَان إِلَى مكناسة وحضروا عِنْده فاوضهم فِي الْخدمَة وَأَرَادَ أَن يحيي آثَار دَار الصَّنْعَة الَّتِي كَانَت بسلا تصنع بهَا المراكب الجهادية على عهد الْمُوَحِّدين وَبني مرين فَقَالُوا نحتاج أَن تبني لنا دَارا على هَيْئَة كَذَا وَمن نعتها كَذَا وَكَذَا ورسموا لَهُ شكلها فِي قرطاس فَرَأى أَن أمرهَا لَا يتم فِي عشر سِنِين وَلَا أَكثر وَلَا يَكْفِي فِي بنائها مَال فَأَعْرض عَن ذَلِك وَبعث معلمي البنب إِلَى تطاوين فَكَانَ أحدهم يفرغ البنبة من قنطارين وَبعث معلمي المراكب إِلَى سلا فأنشؤوا فِيهَا ثَلَاث شكظريات وَبعث معلم الرَّمْي إِلَى رِبَاط الْفَتْح فَكَانَ يعلم بهَا الطبجية من أهل سلا والرباط وَتخرج على يَدَيْهِ نجباء وَمن ثمَّ توارث أهل العدوتين هَذِه الصِّنَاعَة مُدَّة إِلَى أَن لم يبْق بهَا الْيَوْم إِلَّا الِاسْم ورد أَصْحَاب المدافع والمهاريس إِلَى فاس فأقاموا بهَا إِلَى أَن توفوا هُنَالك رَحِمهم الله