والمطاولة برا وبحرا فَعمل على ذَلِك بعد أَن كرهه أَولا وَلما عزم على النهوض إِلَيْهَا جمع جَيْشًا كثيفا من قبائل مراكش والحوز والسوس وَغير ذَلِك
زعم لويز أَنه اجْتمع لَهُ من الْمُقَاتلَة نَحْو سبعين ألفا ويظن أَن هَذَا من مبالغته على عَادَته فِي ذَلِك وَكَانَ نُزُوله على الجديدة فِي رَابِع مارس العجمي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَألف مسيحية وَفِي تواريخ الْإِسْلَام أَن نُزُوله عَلَيْهَا كَانَ فِي فاتح رَمَضَان من سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَألف عَرَبِيَّة وَلما نزل عَلَيْهَا أَمر بِحَفر الأساس لاتخاذ أشبار من جَمِيع جهاتها وَنصب عَلَيْهَا خَمْسَة وَثَلَاثِينَ مدفعا بَين كَبِير وصغير وَرمى عَلَيْهَا كورا وبنبا كثيرا فِي أَيَّام مُتعَدِّدَة سقط مِنْهُ داخلها أَكثر من أَلفَيْنِ وهدمت كثيرا من أبنيتها وَقتلت عددا وافرا من أَهلهَا وَكَانَ من جملَة أَهلهَا رجل عسكري قد أناف على السّبْعين سنة وَعجز عَن حُضُور الْقِتَال وَله زَوْجَة وَأَوْلَاد فَلَمَّا رأى تساقط البنب مثل الْمَطَر طلب النجَاة لنَفسِهِ وَعِيَاله ففر إِلَى هري هُنَالك كَانَ فَوْقه خَزَائِن قَمح فاختفى تَحْتَهُ واختفى مَعَه أنَاس آخَرُونَ وظنوا أَن البنبة لَا تنفذ فِي خزين الْقَمْح وتخرق السّقف الَّذِي تَحْتَهُ وَتصل إِلَى الهري الَّذِي هم بِهِ فَقضى الله تَعَالَى بِأَن سَقَطت بِهِ بنبة تجاوزت الْقَمْح والسقف وَسَقَطت على الشَّيْخ فَقتلته وَمن مَعَه وَكَانُوا تِسْعَة أنفس وانجرح آخَرُونَ
وَلما طَال الْحصار على أهل الجديدة كتبُوا إِلَى طاغيتهم فَأَشَارَ عَلَيْهِم بِالْخرُوجِ إِن عجزوا عَن المدافعة وَكَانَت هَذِه الْمُكَاتبَة من غير علم من الْعَامَّة وبينما هم كَذَلِك إِذْ ورد عَلَيْهِم مركب من أشبونة ظنوه مدَدا لَهُم فَإِذا بِهِ قد أَتَى بِكِتَاب الطاغية يَأْمُرهُم بِالْخرُوجِ ويتحملوا بأولادهم وعيالهم فِي مراكبه ويدفعوا الْبَلَد للْمُسلمين وَلما علم الْعَامَّة بذلك امْتَنعُوا وحاصوا حَيْصَة حمر الْوَحْش وَسبوا الْكتاب وَمن أرْسلهُ وَقَالُوا لَا نخرج مِنْهَا حَتَّى نهلك عَن أخرنا إِذْ هِيَ مأثرة أجدادنا عجنت طينتها بدمائهم وفنيت عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute