بهَا بُرْهَة من الدَّهْر
وَلما كَانَت دولة السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان بن مُحَمَّد نقم أَيْضا على سَيِّدي الْعَرَبِيّ الْمَذْكُور أمورا نقلهَا إِلَيْهِ الوشاة عَنهُ فَأمر بنقله إِلَى فاس بعد مكاتبات ومعاتبات يطول جلبها فانتقل إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ سرحه إِلَى بِلَاده
ثمَّ دخلت سنة مِائَتَيْنِ وَألف فِيهَا بعث السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد رَحمَه الله كَاتبه أَبَا الْقَاسِم الصياني باشدورا إِلَى السُّلْطَان عبد الحميد العثماني بهدية عَظِيمَة من جُمْلَتهَا أحمال من سبائك الذَّهَب الْخَالِص مثل بارات الْحَدِيد وَكَانَ السُّلْطَان رَحمَه الله يقْصد بِمثل ذَلِك الْفَخر على الْمُلُوك وَإِظْهَار الْغنى وَكَمَال الثروة وَذَلِكَ من غَرِيب السياسة لمن أقدره الله عَلَيْهَا فَقدم أَبُو الْقَاسِم الْقُسْطَنْطِينِيَّة وألفى بهَا عبد الْملك بن إِدْرِيس وَشَيخ الركب والكاتبين لَا زَالُوا مقيمين بهَا ينتظرون الْمَوْسِم من الْعَام الْقَابِل قَالَ فأقمت بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ثَلَاثَة أشهر وَعشرَة أَيَّام وقضيت الْغَرَض وانقلبت إِلَى السُّلْطَان وَبعث معي السُّلْطَان عبد الحميد أحد خُدَّامه بهدية إِلَى السُّلْطَان رَحمَه الله قَالَ وَلما قدمنَا على السُّلْطَان نوه بقدري وَقَالَ لَا أوجه الْهَدَايَا للعثماني إِلَّا مَعَك وَكَانَ الرئيس الطَّاهِر بن عبد الْحق فنيش السلاوي حَاضرا وَقَالَ لَا أوجه القراصين الحربية إِلَّا مَعَ الطَّاهِر يسليه بذلك قَالَ وسألني عَن مِقْدَار راتب عَسْكَر التّرْك الَّذِي يقبضونه فِي كل ثَلَاثَة أشهر فَقلت لَهُ سِتُّونَ أُوقِيَّة لكل وَاحِد فاستقل ذَلِك فَقلت لَهُ إِنَّه لَا يكلفهم فِي أَيَّام الْغَزْو بمؤنة وَلَا علف خيل كل أُمُور السّفر عَلَيْهِ
ثمَّ ذكر الصياني هُنَا كلَاما طَويلا فِي وصف الْقُسْطَنْطِينِيَّة الْعُظْمَى وَحَال أَهلهَا خَارِجا عَن مَوْضُوع كتَابنَا هَذَا وَالله الْمُوفق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute