للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاس فاستوطنها وَكَانَ الباي مُحَمَّد بن عُثْمَان صَاحب وهران قد أزعجه من تلمسان إِلَى قَرْيَة أبي صمغون فَأَقَامَ بهَا وَأَقْبل أَهلهَا عَلَيْهِ ثمَّ لما مَاتَ الباي الْمَذْكُور وَولي بعده ابْنه عُثْمَان بن مُحَمَّد سعى عِنْده بالشيخ التجاني فَبعث إِلَى أهل أبي صمغون وتهددهم ليخرجوه وَلما سمع بذلك الشَّيْخ الْمَذْكُور خرج مَعَ بعض تلامذته وَأَوْلَاده وسلك طَرِيق الصَّحرَاء حَتَّى احتل بفاس وَلما دَخلهَا بعث رَسُوله بكتابه إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى سُلَيْمَان يُعلمهُ بِأَنَّهُ هَاجر إِلَيْهِ من جور التّرْك وظلمهم واستجار مِنْهُم بِأَهْل الْبَيْت الْكَرِيم فَقبله السُّلْطَان وَأذن لَهُ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ والحضور بمجلسه وَلما اجْتمع بِهِ وَرَأى سمته ومشاركته فِي الْعُلُوم أقبل عَلَيْهِ واعتقده وَأَعْطَاهُ دَارا مُعْتَبرَة من دوره كَانَ أنْفق فِي عمارتها نَحوا من عشْرين ألف مِثْقَال ورتب لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَأَقْبل عَلَيْهِ الْخلق واشتهر أمره بفاس وَالْمغْرب وَهُوَ شيخ الطَّائِفَة التجانية رَحمَه الله ونفعنا بِهِ

ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَألف فِيهَا خرج السُّلْطَان فِي العساكر من مكناسة يُرِيد عبد الرَّحْمَن بن نَاصِر بآسفي وعزم على حربه إِلَّا أَن يُؤَدِّي الطَّاعَة هُوَ وقبيلته مُبَاشرَة طَوْعًا أَو كرها وَلما عبر وَادي أم الرّبيع قدم إِلَيْهِ الْقَائِد أَبُو السرُور عياد بن أبي شفرة فِي جَيش الودايا وَقَالَ لَهُ إِذا قدمت عَلَيْهِ فأزعجه للمجيء فَإِن قدم فأقم أَنْت بآسفي وَإِن امْتنع من الْمَجِيء فَاكْتُبْ إِلَيّ وأقم هُنَالك حَتَّى أقدم عَلَيْك فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ الْقَائِد عياد لم يَسعهُ إِلَّا الْمَجِيء لملاقاة السُّلْطَان فجَاء وَهُوَ مَرِيض فِي محفته وَمَعَهُ جموعه وقبائله حَتَّى اجْتمع بالسلطان بالموضع الْمَعْرُوف بِمِائَة بير وبير بَين عَبدة ودكالة فَبَايعهُ مُبَاشرَة وَأدّى الطَّاعَة هُوَ وإخوانه مُبَاشرَة كَمَا اقترح السُّلْطَان وَتحقّق بِأَن تَأَخره إِنَّمَا كَانَ للمرض الَّذِي بِهِ فوفى لَهُ السُّلْطَان بعهده وَزَاد فِي كرامته بوصوله مَعَه إِلَى آسفي ودخوله إِلَى دَاره بعد تثبيط رُؤَسَاء الْجَيْش لَهُ عَن الدُّخُول مَعَه ثمَّ عقد لَهُ على قبائله وَأمره بِقَبض الْوَاجِب مِنْهُم زَاد صَاحب الْجَيْش وشكره على إيوائه لِأَخِيهِ الْمولى هِشَام ثمَّ سَار السُّلْطَان إِلَى مراكش فَدَخلَهَا مظفرا منصورا

<<  <  ج: ص:  >  >>