خلفا وسلفا لَا يسع إِنْكَاره غير أَن للزيارة آدابا تجب الْمُحَافظَة عَلَيْهَا وشروطا لَا بُد من مراعاتها وَالْوُقُوف لَدَيْهَا ثمَّ القَوْل بمنعها مُطلقًا سدا للذريعة فِي حق الْعَامَّة إِذْ هم أَكثر النَّاس وغولا فِي ذَلِك فِيهِ نظر أما الْأَنْبِيَاء فَلَا يَنْبَغِي لعاقل أَن يحرم نَفسه من الْوُقُوف على مشاهدهم والتبرك بتربتهم والاحتماء بحماهم وَلَا أَن يَقُول بذلك لمزيد ارْتِفَاع درجتهم عِنْد الله تَعَالَى ولندور اتِّفَاق زيارتهم لأكْثر الغرباء وَأما الْأَوْلِيَاء فَالْقَوْل بِمَنْع زيارتهم سدا للذريعة مَعَ بَيَان الْعلَّة وإشهارها بَين النَّاس حَتَّى لَا يلتبس عَلَيْهِم الْمَقْصُود قَول وجيه لَا تأباه قَوَاعِد الشَّرِيعَة بل تَقْتَضِيه وَالله أعلم وَهَذَا القَوْل هُوَ الَّذِي رَآهُ الشَّيْخ الْفَقِيه الصُّوفِي أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد التجاني رَحمَه الله حَتَّى نهى أَصْحَابه عَن زِيَارَة الْأَوْلِيَاء
وَأَقُول إِن السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان رَحمَه الله كَانَ يرى شَيْئا من ذَلِك ولأجله كتب رسَالَته الْمَشْهُورَة الَّتِي تكلم فِيهَا على حَال متفقرة الْوَقْت وحذر فِيهَا رَضِي الله عَنهُ من الْخُرُوج عَن السّنة والتغالي فِي الْبِدْعَة وَبَين فِيهَا بعض آدَاب زِيَارَة الْأَوْلِيَاء وحذر من تغالي الْعَوام فِي ذَلِك وَأَغْلظ فِيهَا مُبَالغَة فِي النصح للْمُسلمين جزاه الله خيرا وَمن كَلَامه فِيهَا مَا نَصه تَنْبِيه من الغلو الْبعيد ابتهال أهل مراكش بِهَذِهِ الْكَلِمَة سَبْعَة رجال فَهَل كَانَ لسبعة رجال شيعَة يطوفون عَلَيْهِم إِلَى أَن قَالَ فعلينا أَن نقتدي بسبعة رجال وَلَا نتخذهم آلِهَة لِئَلَّا يؤول الْحَال فيهم إِلَى مَا آل إِلَيْهِ فِي يَغُوث ويعوق ونسرا إِلَى آخر كَلَامه وَصدق رَحمَه الله فكم من ضَلَالَة وَكفر أَصْلهَا الغلو فِي التَّعْظِيم وَمَا ضلت النَّصَارَى إِلَّا من غلوهم فِي عِيسَى وَأمه عَلَيْهِمَا السَّلَام قَالَ الله تَعَالَى {يَا أهل الْكتاب لَا تغلوا فِي دينكُمْ وَلَا تَقولُوا على الله إِلَّا الْحق} النِّسَاء ١٧ الْآيَة وَمن ذَلِك قصَّة يَغُوث ويعوق ونسرا الْمشَار إِلَيْهَا وَهِي مَذْكُورَة فِي الصَّحِيح وَفِي كتب التَّفْسِير
وَحكى ابْن إِسْحَاق فِي السِّيرَة أَن أصل حُدُوث عبَادَة الْحجر فِي بِلَاد الْعَرَب أَن آل إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام لما كَثُرُوا حول الْحرم وَضَاقَتْ بهم