للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْوَقْعَة بجراحات معظمها فِي رَأسه فَحمل جريحا إِلَى فاس فَمَاتَ بهَا وَكَانَت مصيبته على السُّلْطَان أعظم مِمَّا أَصَابَهُ فِي نَفسه وَالْأَمر لله وَحده

قَالَ صَاحب الْجَيْش كَانَ السُّلْطَان الحازم سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله لَا يرد الشَّفَاعَة فِي مثل هَذَا الْمقَام وَرُبمَا دس إِلَى من يظْهر ذَلِك صُورَة حَتَّى يكون نهوضه عَن عز وَذَلِكَ من حسن سياسته وَكَانَت هَذِه الْوَقْعَة الفادحة سَبَب سُقُوط هَيْبَة السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان من قُلُوب الرّعية فَلم يمتثل لَهُ بعْدهَا أَمر فِي عصاتها حَتَّى لَقِي الله تَعَالَى

وَلما دخلت سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَألف كثر عيث البربر وإفسادهم السابلة واستحوذوا على مزارع مكناسة ومسارحها فنصب لَهُم السُّلْطَان رَحمَه الله حبالة الطمع وكادهم بهَا بِأَن صَار كلما وَفد عَلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم كساها وَأحسن إِلَيْهَا فتسامعوا بذلك فقادهم الطمع إِلَى أَن وَفد عَلَيْهِ مِنْهُم فِي مرّة وَاحِدَة سَبْعمِائة فَارس من أعيانهم فَقبض عَلَيْهِم وجردهم من الْخَيل وَالسِّلَاح وأودعهم السجْن ثمَّ أَمر بِالْقَبْضِ على كل من وجد مِنْهُم بسوق مكناسة وصفرو فَقبض بصفرو على نَحْو الثلاثمائة من آيت يوسي وَقَامَت بِسَبَب ذَلِك فتْنَة البربر على سَاق فَإِنَّهُم امتعضوا لمن قبض عَلَيْهِ من إخْوَانهمْ وزحفوا إِلَى مكناسة وحاصروها وجاؤوا مَعَهم بدجالهم أبي بكر مهاوش وتحزبوا وصاروا يدا وَاحِدَة على كل من يتَكَلَّم بِالْعَرَبِيَّةِ بالمغرب وَكَانَ مهاوش فِي هَذِه الْأَيَّام قد أَمر أمره لِأَنَّهُ لما عزم السُّلْطَان على غزوهم كَانَ يعدهم بِأَن الظُّهُور يكون لَهُم فَلَمَّا صدق عَلَيْهِم ظَنّه اعتقدوه وافتتنوا بِهِ وزحفوا إِلَى مكناسة فضيقوا على السُّلْطَان بهَا فَجعل رَحمَه الله يعالج أَمرهم بِالْحَرْبِ تَارَة وَالسّلم أُخْرَى إِلَى أَن طلبُوا مِنْهُ أَن يسرح لَهُم إخْوَانهمْ ويرجعوا إِلَى الطَّاعَة وَالدُّخُول فِي الْجَمَاعَة فسرحهم لَهُم على يَد المرابط أبي مُحَمَّد عبد الله بن حَمْزَة العياشي فَلَمَّا ظفروا بإخوانهم نقضوا الْعَهْد الَّذِي أَخذ عَلَيْهِم المرابط الْمَذْكُور وعادوا إِلَى العيث وإفساد السابلة ثمَّ تَبِعَهُمْ على

<<  <  ج: ص:  >  >>