(يَا أَيهَا الْملك الَّذِي عَدَالَته ... أحيت مآثرها الصّديق أَو عمرا)
(يَا أَيهَا الْملك الَّذِي مناقبه ... فِي غرَّة الدَّهْر قد لاحت لنا قمرا)
(أَنْت الَّذِي وضع الْأَشْيَاء موضعهَا ... وَفِي الْعُلُوم الَّذِي أَحْيَا الَّذِي اندثرا)
(أَنْت الَّذِي صير الدّين القويم كَمَا ... أوصى بِهِ من سما الْأَمْلَاك والبشرا)
(وَلم يزل بك فِي عز وَفِي حرم ... يجني ذَوُو الْعلم من رياضة ثمرا)
(تذب عَنهُ بأسياف وآونة ... بفكرة تحكم الْأَحْكَام والصورا)
(وَمن يرم هَدمه تَأْخُذهُ صَاعِقَة ... من راحتيك فَلَا تبقى لَهُ أثرا)
(وَقد شكا الدّين من هضم وَمن كمد ... أَصَابَهُ فَهُوَ يبكي الدمع منهمرا)
(سطت عَلَيْهِ يَد القَاضِي الَّذِي غمرت ... أقضية الْجور مِنْهُ البدو والحضرا)
(أعفى مراسمه جورا وأبدله ... جهلا بِمَا يذهب الْأَلْبَاب والفكرا)
(جَاءَ الْولَايَة وَهُوَ من شبيبته ... يرى القضا حِرْفَة يجني بهَا وطرا)
(فَلم يكن همه فِيهِ سوى قنص ... أَو نخوة تتْرك الضَّعِيف منكسرا)
(أما حُقُوق الورى فَإِنَّهَا عدم ... مَجْهُولَة جعلت منبوذة بعرا)
(فاستنقذت مِلَّة الْمُخْتَار جدك من ... هَذَا الَّذِي مَا درى وردا وَلَا صَدرا)
(يَأْتِي الْحُكُومَة عباسا ومنقبضا ... مِمَّا بِهِ من سقام يجلب الكدرا)
(فَلَا يرى أرسم الْخَصْمَيْنِ من ملل ... لَكِن يحكم أوهاما بهَا جَهرا)
(ويستبد بِرَأْيهِ وَحَيْثُ بَدَت ... فَتْوَى تبصره ألْقى بهَا حجرا)
(وَلَا يُمكن خصما قد دَعَاهُ إِلَى ... تسجيله مَا رأى فِي الحكم مُعْتَبرا)
(ملت قُلُوب الورى مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُم ... إلاك يَا من بِهِ الْإِسْلَام قد نصرا)
(ضجوا لعزتكم يَشكونَ سيرته ... بعبرة تتْرك الْفُؤَاد منفطرا)
(فأدركن يَا عماد الدّين صارمه ... رعية ترتجي من حلمكم مَطَرا)
(فأنزلنه لقد طَغى بعزته ... وَلم يخف فِي غَد لظى وَلَا سقرا)
(واصرفه عَنْهُم كصرفه ضعيفهم ... واعزله عزلا فَإِن الْأَمر قد أمرا)
(فَأَنت غيثهم إِن أزمة أزمت ... وَأَنت كهفهم إِن حَادث ظهرا)
وَلما وصل الرَّسْم وَالْقَصِيدَة إِلَى السُّلْطَان رأى أَن ذَلِك من التعصب الَّذِي يحدث بَين الأقران فرفضه لكَمَال أناته وعقله وَلم يقبل شَهَادَة عَالم