وَكَانَ من اتبعهُ اتبع الْهدى والنور وَمن اتبع غَيره اتبع الْفِتْنَة والضلال وَاحْذَرْ النَّاس أَوْلَاد يزِيد كَمَا حذر وَالِدي وَقد رأى من اتبعهُ أَو اتبع أَوْلَاده كَيفَ خَاضَ الظلمَة ونالته دَعْوَة وَالِده وَخرج على الْأمة وَأما أَنا فقد خفت قواي ووهن الْعظم مني واشتعل الرَّأْس شيبا حفظني الله فِي أَوْلَادِي وَالْمُسْلِمين آمين نصيحة وَصِيَّة سُلَيْمَان بن مُحَمَّد لطف الله بِهِ اه
وَفِي أثْنَاء هَذِه الْمدَّة وَقعت غدرة ذَوي بِلَال فِي انتهابهم الصاكة الْوَارِدَة من مرسى الصويرة وَكَانَ انتهابهم إِيَّاهَا بِاتِّفَاق من الشياظمة الَّذين جاؤوا مَعهَا وَقَائِدهمْ عَليّ بن مُحَمَّد الشيظمي هُوَ الَّذِي انتهب أَكْثَرهَا وَكَانَ فِيهَا من الذَّخَائِر النفيسة وَالْأَمْوَال الثَّقِيلَة شَيْء كثير وَهَذِه الْوَقْعَة هِيَ الَّتِي هدت أَرْكَان السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان رَحمَه الله فاعتراه مَرضه الَّذِي كَانَ سَبَب وَفَاته وَلما أثقله الْمَرَض أعَاد الْعَهْد للْمولى عبد الرَّحْمَن بن هِشَام وَبعث بِهِ إِلَى فاس إِذْ كَانَ خَليفَة بهَا كَمَا مر فَدَعَا رَحمَه الله بِصَحِيفَة بَيْضَاء ودعا بالطابع الْكَبِير فجيء بِهِ وَلم يحضرهُ إِلَّا أَهله من النِّسَاء فطبع الصَّحِيفَة بِيَدِهِ وَكتب بعض الْكتاب وأكملته بعض حظاياه مِمَّن كَانَت تحسن الْكِتَابَة ثمَّ طواه وَختم عَلَيْهِ ودعا الْقَائِد الجيلاني الرحماني الحويوي وَكَانَ قَائِد المشور وَقَالَ لَهُ ادْع لي فارسين يذهبان بِهَذَا الْكتاب إِلَى فاس وَقد عينت لَهما سخرة كَبِيرَة يقبضانها هُنَاكَ إِذا أَسْرعَا السّير فَكَانَ ذَلِك الْكتاب هُوَ الْعَهْد الَّذِي قرىء بفاس وَنَصه الْحَمد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم أخوالنا الودايا ورماة فاس وأعيانها ورؤساءها سَلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وعَلى ابْن عمنَا الْفَقِيه القَاضِي مولَايَ أَحْمد والفقيهين ابْن إِبْرَاهِيم والآزمي وَبعد فقد وجدت من نَفسِي مَا لَيْسَ بتارك أحدا فِي الدُّنْيَا وَهَذِه وَصِيَّة أقدمها بَين يَدي أَجلي وَالله مَا بَقِي فِي قلبِي مِثْقَال ذرة على أحد من خلق الله لِأَن ذَلِك أَمر قد قدره الله وَسبق علمه بِهِ وَلست فِيهِ بأوحد وَمَا وَقع لمن قبلي أشنع وأقطع وَإِنِّي قد عقدت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute