للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجزائر يَوْمئِذٍ واسْمه أَحْمد باشا قد أَمر أمره وَأَرَادَ الاستبداد على الدولة العثمانية وَرُبمَا شكا طاغية الفرنسيس إِلَى السُّلْطَان مَحْمُود العثماني فَقَالَ لَهُ شَأْنك وإياه فهجم الفرنسيس فِي الْعدَد وَالْعدَد على ثغر الجزائر فاستولى عَلَيْهِ بعد مقاتلات ومجاولات فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم وَكَانَ السُّلْطَان الْمولى عبد الرَّحْمَن يَوْمئِذٍ بمراكش فاتصل بِهِ خبر الجزائر فِي أَوَائِل صفر فَنَهَضَ إِلَى مكناسة فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَلما وَقع بِأَهْل الجزائر مَا وَقع اجْتمع أهل تلمسان وتفاوضوا فِي شَأْنهمْ وَاتَّفَقُوا على أَن يدخلُوا فِي بيعَة السُّلْطَان الْمولى عبد الرَّحْمَن رَحمَه الله فجاؤوا إِلَى عَامله بوجدة الْقَائِد أبي الْعَلَاء إِدْرِيس بن حمان الْجَوَارِي وعرضوا عَلَيْهِ أَن يتوسط لَهُم عِنْد السُّلْطَان فِي قبُول بيعتهم وَالنَّظَر لَهُم بِمَا يصلح شَأْنهمْ ويحفظ من الْعَدو جانبهم ثمَّ عينوا جمَاعَة مِنْهُم للوفادة على السُّلْطَان تَأْكِيدًا للطلب واستعجالا لحُصُول هَذَا الأرب فقدموا على السُّلْطَان بمكناسة غرَّة ربيع الأول من السّنة الْمَذْكُورَة فَأكْرم السُّلْطَان وفادتهم وَأجل مقدمهم وَلما صَرَّحُوا لَهُ عَن مُرَادهم توقف فِي ذَلِك رَحمَه الله وَكَانَ هَوَاهُ إِلَى قبولهم أميل إِلَّا أَنه أَرَادَ أَن يَبْنِي ذَلِك على صَرِيح الشَّرْع كَمَا هِيَ عَادَته فاستفتى عُلَمَاء فاس فَأفْتى جلهم بنقيض الْمَقْصُود وَرخّص لَهُ بَعضهم فِي ذَلِك فَأخذ السُّلْطَان رَحمَه الله بقول المرخص مَعَ أَن أهل تلمسان لما بَلغهُمْ فَتْوَى أهل فاس كتبُوا إِلَى السُّلْطَان فِي الرَّد عَلَيْهِم مَا نَصه

ليعلم سيدنَا قطب الْمجد ومركزه وَمحل الْفَخر ومحرزه أساس الشّرف الباذخ ومنبعه وبساط الْفضل الشامخ ومجمعه السُّلْطَان الْأَعْظَم الأمجد الأفخم نجل الْمُلُوك الْعِظَام سيدنَا ومولانا عبد الرَّحْمَن بن هِشَام أبقى الله سيدنَا للْمُسلمين ذخْرا ومنحه مَوَدَّة وَأَجرا أَن فَتْوَى سَادَاتنَا عُلَمَاء فاس مَبْنِيَّة على غير أساس لأَنهم اعتقدوا أَن فِي عنقنا للْإِمَام العثماني بيعَة وَهَذَا لَو صَحَّ لَكَانَ علينا حجَّة وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك وَإِنَّمَا لَهُ مُجَرّد الِاسْم هُنَالك وعامل الجزائر إِنَّمَا كَانَ متغلبا وبالدين متلاعبا فَأَهْلَكَهُ الله بظلمه وتطاوله على عباد الله وجوره وفسقه إِن الله يُمْهل على الظَّالِم حَتَّى يَأْخُذهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>