ترصد بِبَاب دَار السُّلْطَان للْحَاج مُحَمَّد بن الطَّاهِر ليفتكه وَصَاحبه فَلَمَّا خرجا قَامَ الطَّاهِر بن مَسْعُود إِلَى الأعوان فراودهم على إِطْلَاق المسجونين فَأَبَوا وَقَالُوا إنَّهُمَا مسجونان عَن أَمر السُّلْطَان فتصامم عَن ذَلِك واستل خنجره وَضرب إِدْرِيس البواب الوديي على ترقوته فخدشه وانتزع مِنْهُ المسجون وَتقدم لافتكاك أَحْمد بن المحجوب فَأبى وانتهره وَقَالَ لَا أُخَالِف أَمر السُّلْطَان وَكَانَ الودايا يظنون قيام العبيد مَعَهم لحلفهم السَّابِق فخذل الله فِيمَا بَينهم ثمَّ أسْرع الطَّاهِر وَابْن الطَّاهِر إِلَى فرسيهما فركباهما ونجوا إِلَى نَاحيَة دَار الدبيبغ وثارت المغافرة بِبَاب دَار السُّلْطَان وحملوا السِّلَاح وأخرجوا البارود والرصاص وَقَامَت شيعَة السُّلْطَان لمدافعتهم فكثرهم الودايا وهزموهم حَتَّى أغلقوا عَلَيْهِم بَاب المشور وَسَأَلَ السُّلْطَان عَن الهيعة فَأعْلم بالْخبر وَكَانَ مَعَه الْحسن بن حمو واعزيز فَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا إِن هَؤُلَاءِ مَا جسروا على هَذَا الْفِعْل ببابك حَتَّى عزموا على مَا هُوَ أَكثر فَدَعَا السُّلْطَان بفرسه وَركبهُ مَعَ الْغُرُوب وَخرج من بَاب البجاة وَمَعَهُ ابْن واعزيز وَبَعض أَصْحَابه خيلا ورجلا وَلما علم الودايا بِخُرُوج السُّلْطَان ركبُوا بقضهم وقضيضهم من فاس الْجَدِيد وَمن قَصَبَة شراقة فأدركوا السُّلْطَان عِنْد قنطرة عياد فنزلوا إِلَى الأَرْض يقبلُونَ حوافر فرسه ويتشفعون لَهُ ويتبرؤون من فعل أُولَئِكَ السُّفَهَاء وَكَانَ الْحَال إِذْ ذَاك حَال مطر خَفِيف وَالشَّمْس قد غربت أَو كَادَت تغرب فساعدهم رَحمَه الله على الرُّجُوع وَأَشَارَ عَلَيْهِ الْحَاج مُحَمَّد بن فَرِحُونَ بِأَن يذهب مَعَه إِلَى قَصَبَة شراقة وَكَانَت يَوْمئِذٍ لأهل السوس فَذهب مَعَه إِلَى دَاره من غير أَن يطمئن إِلَيْهِ وَلَكِن ذَلِك الَّذِي اقْتَضَاهُ الْحَال فِي تِلْكَ السَّاعَة وَلما اسْتَقر بدار ابْن فَرِحُونَ اجْتمع عَلَيْهِ المغافرة والودايا وَأهل السوس وأساء عَلَيْهِ المغافرة الْأَدَب بل عزموا على الفتك بِهِ وَلَكِن الله تَعَالَى وَقَاه شرهم فاختلفت كلمتهم وتذامر أهل السوس فِيمَا بَينهم وَقَالُوا لَا يبيتن السُّلْطَان اللَّيْلَة إِلَّا بداره واستنهضوه فَنَهَضَ رَحمَه الله وَركب فرسه وصحبوه إِلَى دَاره فِي ذَلِك اللَّيْل فاستقر بهَا وَبعد ذَلِك بأيام انْتقل السُّلْطَان إِلَى بُسْتَان أبي الْجُلُود خَارج فاس الْجَدِيد على حِين غَفلَة من الودايا وانحاز
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute