للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاب الجيسة وبستيون بَاب الْفتُوح ودام الْحصار أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَالْحَرب لَا تَنْقَطِع فِي كل وَقت وَكَانَ الودايا يرْمونَ أَيْضا بالكور والبنب وابلى بنوحسن فِي تِلْكَ الْأَيَّام الْبلَاء الْحسن ثمَّ إِن السُّلْطَان عزم على الْبناء عَلَيْهِم وجلب اللواحين فشرعوا فِي الْعَمَل وسئم الودايا الْحَرْب وملوها فأذعنوا إِلَى الصُّلْح وسعى فِي الوساطة بَينهم وَبَين السُّلْطَان الْأمين الْحَاج الطَّالِب ابْن جلون الفاسي فَأَمنَهُمْ السُّلْطَان على شَرط الْخُرُوج من فاس الْجَدِيد فأذعنوا ثمَّ بعثوا شفاعاتهم بالمشايخ وَالصبيان والألواح على رؤوسها وَمَعَهُمْ سلطانهم ابْن الطّيب فسامح رَحمَه الله الْجَمِيع وَقَالَ لَهُم فِي جملَة مَا قَالَ الْحَمد لله إِذْ لم أغلبكم وَلم تغلبوني لِأَنِّي لَو غلبتكم لذبحت هَذِه الجيوش أَوْلَادكُم وَلم أقدر أَن أردهَا عَنْكُم وَلَو غلبتموني لفعلتم كل مَا تقدرون عَلَيْهِ فَهَذَا من لطف الله بِي وبكم

قلت وَهَذَا كَلَام دَال على وفور عقل السُّلْطَان رَحمَه الله وَكَمَال شفقته وَرَحمته ثمَّ لما عزم السُّلْطَان على النهوض إِلَى مكناسة ولى على جَيش الودايا كُله الْقَائِد إِدْرِيس بن حمان الجراري وَذَلِكَ فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين من جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَألف ثمَّ نَهَضَ إِلَى مكناسة فاحتل بهَا وَلما حضر عيد الْفطر قدمت الْوُفُود على السُّلْطَان بمكناسة واستقامت الْأَحْوَال وَكتب رَحمَه الله إِلَى الْقَائِد إِدْرِيس أَن يحضر الْعِيد فِي جمَاعَة وافرة من إخوانه نَحْو الْخَمْسمِائَةِ فَحَضَرُوا ودخلوا على السُّلْطَان ذَات عَشِيَّة بالمشور فوبخهم حَتَّى ظن النَّاس أَنه يقبض عَلَيْهِم ثمَّ سرحهم فعادوا إِلَى فاس الْجَدِيد وَلما عزم السُّلْطَان رَحمَه الله على النهوض إِلَى مراكش قدم أَولا فاسا وَنزل خَارج الْبَلَد وَنظر فِي شَأْنه وشأن الْجَيْش والرعية ثمَّ ارتحل يُرِيد مراكش فَلَمَّا انْفَصل عَن فاس بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ كتب إِلَى الْقَائِد إِدْرِيس يَأْمُرهُ أَن يبْعَث إِلَيْهِ بالطاهر بن مَسْعُود والحاج مُحَمَّد بن الطَّاهِر يذهبان مَعَه إِلَى مراكش بِقصد الْخدمَة بهَا مَعَ وَلَده وخليفته سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن فذهبا على فرسيهما مسرحين إِلَّا أَنَّهُمَا كَانَا حذرين من السُّلْطَان لما قدما من الْفِعْل الشنيع الَّذِي كَانَ سَبَب هَذِه الْفِتْنَة الْعَظِيمَة فَقدما مراكش وترتبا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>