قَالَ أَبُو عبد الله أكنسوس وَفِي ضحى يَوْم الْإِثْنَيْنِ الرَّابِع من الْمحرم فاتح سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَألف توفّي الْوَزير الْأَعْظَم الْفَقِيه الْأَجَل الأكرم إِمَام عملة اليراع ومقدم حَملَة ذَلِك الشراع مقلد الدولة بقلائد النثار والنظام فِي المواقف الْعِظَام والمزري ببدائعه وأوابده وروائعه ببديع الزَّمَان وَالْفَتْح بن خاقَان أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس جدد الله عَلَيْهِ ملابس الرِّضَا كلما لَاحَ نجم وأضا فولى السُّلْطَان مَكَانَهُ الْفَقِيه النجيب ذَا الْأَخْلَاق العاطرة والأنامل الواكفة الماطرة والرأي الْأَصِيل وَالْأَمر المحبوك وَالْبَاطِن الصافي الَّذِي يحاكيه الذَّهَب المسبوك أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ بن الْمُخْتَار الجامعي ثمَّ لما قدم السُّلْطَان رَحمَه الله لحضرة مراكش آخر قدمة قدمهَا سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف عَزله وَولى مَكَانَهُ الْفَقِيه الْكَاتِب اليحيى النزيه أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الصفار التطاوني
وَفِي أَوَائِل رَمَضَان من هَذِه السّنة أَعنِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَألف خرج السُّلْطَان رَحمَه الله من فاس إِلَى نَاحيَة وَجدّة فوصل إِلَى عين زورة فَوقف على تِلْكَ النواحي وَأصْلح من شَأْنهَا وَعَاد إِلَى فاس لَيْلَة عيد الْأَضْحَى من السّنة
وَفِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَألف كَانَت فتْنَة عرب عَامر بأحواز سلا وفتنة عرب زعير بأحواز رِبَاط الْفَتْح وكلب هَاتَانِ القبيلتان على المدينتين وألحوا عَلَيْهِمَا بالغارات والنهب وَالْمُبَالغَة فِي العيث والإفساد بالطرقات والجنات واستافوا السَّرْح مرَارًا وَبَقِي النِّتَاج عِنْد أربابه حَتَّى هلك ضيَاعًا إِلَى غير ذَلِك وَلما تجاوزوا الْحَد فِي الطغيان بعث السُّلْطَان وصيفه الباشا فرجى صَاحب فاس الْجَدِيد فأوقع بعامر وقْعَة شنعاء رَابِع يَوْم النَّحْر من السّنة ومزقهم شذر مذر بعد أَن تحَصَّنُوا بالغراك فِيمَا بَين سلا والمهدية
وَفِي هَذِه السّنة حج ولد السُّلْطَان الْمولى الرشيد وَالْمولى سُلَيْمَان واعتنى بشأنهما صَاحب مصر وَصَاحب الْحجاز غَايَة ورجعا من السّنة الْقَابِلَة وَفِي هَذِه السّنة ظهر الْكَوْكَب ذُو الذَّنب كَانَ يطلع فِي نَاحيَة الْمغرب ويغرب بعد