نحارب هَؤُلَاءِ المفسدين فِي الْمحل الْمَشْهُور بالخميسات فَكَانَت الْمحَال لَا تستوعبهم قتلا ونهبا وتشريدا وَضَربا فَرَأَيْنَا هَذِه الْمرة أَن ننزل عَلَيْهِم أَولا بِعَين العرمة مَحل أفسدهم على الْإِطْلَاق والشمول والاستغراق فخيمنا بهَا أَيَّامًا ثمَّ رحلنا مِنْهَا ونزلنا بمحصى ثمَّ رحلنا مِنْهُ ونزلنا الخميسات وَفِي خلال مقامنا ورحيلنا حل ولدنَا سَيِّدي مُحَمَّد حفظه الله من الرِّبَاط وَنزل بتيفلت مَحل المفسدين ومحط رحال الْبُغَاة الْمُعْتَدِينَ وتقاربت المحلتان فعظمت على المفسدين بذلك النكاية وَبَلغت فيهم الْحَد وَالنِّهَايَة واشتغلت الْمحَال بِأَكْل زُرُوعهمْ وتبديدها واستخراج خباياهم قديمها وجديدها وهم حيارى ينظرُونَ وَإِلَى مَا حل بهم من الْبلَاء يبصرون وَكلما عزموا على المدافعة رجعُوا بالهوان وتخطفت رُؤُوس زعمائهم العقبان فعجزوا إِذا وَخَرجُوا من بِلَادهمْ وأيقنوا أَن الشَّقَاء الْمَكْتُوب عَلَيْهِم حكم بطردهم وبعادهم وَلم يبْق بهَا أنيس إِلَّا اليعافير والا العيس وتحصنوا بأوعارهم الْمَعْلُومَة وصياصيهم المشؤومة فِي جبال تنقبت بالغيوم وكادت تصافح النُّجُوم فَضَاقَ بهم الْحَال وَهلك الْعِيَال وضاعت الْأَمْوَال جوعا وعطشا وَتصرف فيهم الْبلَاء كَيفَ شَاءَ وَمَعَ تحصنهم بِتِلْكَ الأوعار وملتف تِلْكَ الْأَشْجَار كَانَت الجيوش تود أَن تقتحمها عَلَيْهِم وتهب نَفِيس أعمارها فِي أَخذهم وَنحن قد هبنا الرِّفْق الَّذِي يزين وَتَركنَا الْخرق الَّذِي يشين فَأمرنَا بالإمساك عَنْهُم حَتَّى تلفظهم أوعارهم وتحرقهم نارهم فَلَمَّا طَال بهم الأمد وتجرعوا حمى الكمد استجاروا بولدنا سَيِّدي مُحَمَّد حفظه الله فشفع عندنَا فيهم فَقبلنَا شَفَاعَته على شُرُوط قبلوها وَحُقُوق التزموها ومثالب نبذوها وجنحنا إِلَى الْحلم وَالْعَفو اللَّذين أَمر الله بهما وأسندنا أَمرهم إِلَى ولدنَا الْمَذْكُور قطعا لأعذارهم ونهضنا عَنْهُم وَالْحَمْد لله محتسبين وَالله أسَال توفيق الْمُسلمين أَجْمَعِينَ آمين فِي السَّادِس وَالْعِشْرين من ذِي الْقعدَة الْحَرَام عَام تِسْعَة وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَألف اه نَص الْكتاب الشريف
وَفِي هَذِه السّنة ظهر الْكَوْكَب ذُو الذَّنب أَيْضا وَفِي أوائلها استوزر السُّلْطَان رَحمَه الله الْفَقِيه الْعَلامَة الْأَفْضَل أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله