وهم فِي هَذَا كُله لَيْسَ لَهُم وازع يحملهم على مَا يُرَاد مِنْهُم
فَالْحَاصِل أَن جَيش مغربنا إِذا حَضَرُوا الْقِتَال وَكَانُوا على ظُهُور خيولهم فهم فِي تِلْكَ الْحَال مساوون فِي الاستبداد لأمير الْجَيْش لَا يملك من أَمرهم شَيْئا وَإِنَّمَا يُقَاتلُون هِدَايَة من الله لَهُم وحياء من الْأَمِير وَقَلِيل مَا هم وَقد جربنَا ذَلِك فصح فَفرُّوا عَن السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان فِي وقْعَة ظيان أَولا وَفِي وقْعَة الشراردة ثَانِيًا وَكَانَ السُّلْطَان الْمولى عبد الرَّحْمَن أهيب فِي نُفُوسهم مِنْهُ فَكَانُوا يلزمون غرزه لكنه لما بَعثهمْ إِلَى تلمسان فعلوا فعلتهم وسلكوا عَادَتهم وَلما شهدُوا مَعَ الْخَلِيفَة سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وقْعَة إيسلي جاؤوا بهَا شنعاء غَرِيبَة فِي الْقبْح وَلَوْلَا أَنه قَامَ بِنَفسِهِ لَيْلَة الْحَاج عبد الْقَادِر وَمنع النَّاس من الرّكُوب لربما عَادوا إِلَى فعلهم وَأحسن مَا كَانَت حَالهم فِي هَذَا الْحَرْب فَإِنَّهُم قاوموا الْعَدو وَفرقُوا صفوفه غير مرّة لكِنهمْ أَتَوا من عدم الضَّبْط الَّذِي هُوَ كضبطه فَعدم ملاقاتهم لِلْعَدو فِي الْكَيْفِيَّة القتالية هُوَ الَّذِي أضرّ بهم وَأوجب لعدوهم الظُّهُور عَلَيْهِم إِذْ الشَّيْء كَمَا علمت إِنَّمَا يُقَاوم بِمثلِهِ وَالشَّر إِنَّمَا يدْفع بضده فالتنافي إِنَّمَا يحصل بَين الضدين أَو المثلين وحربنا وَحرب الإصبنيول كَانَ من بَاب الخلافين وَلَا تنَافِي بَين الخلافين كَمَا هُوَ مُقَرر فِي علم الْحِكْمَة والتوفيق إِنَّمَا هُوَ بيد الله
ولنرجع إِلَى الْكَلَام على الصُّلْح المتناول فَنَقُول لما دَار الْكَلَام بَين الْمولى الْعَبَّاس رَحمَه الله وَبَين أردنيل فِي الصُّلْح اسْتَعدوا للاجتماع فِي يَوْم مَعْلُوم بمَكَان سوي بَين المحلتين فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم ضرب بِالْمحل الْمعِين خباء وَجَاء الْمولى الْعَبَّاس وَمَعَهُ جمَاعَة من وُجُوه جَيْشه وَفِيهِمْ أَبُو عبد الله الْخَطِيب التطاوني وَخرج أردنيل وَمَعَهُ جمَاعَة من وُجُوه عسكره وَخرج مَعَه مقدم الْمُسلمين بتطاوين الْحَاج أَحْمد آبعير رَجَاء أَن يكون هُوَ الترجمان بَين الأميرين فيفوز بِذكر ذَلِك الْجمع وفخره فأخفق رجاؤه لِأَنَّهُ لما توافى الْجَمْعَانِ إِلَى الخباء بَقِي النَّاس كلهم قَائِمين على بعد مِنْهُ وَلم يدْخلهُ إِلَّا الْمولى الْعَبَّاس وأردنيل والخطيب لَا رَابِع لَهُم فِيمَا قيل وَأبْدى أردنيل من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute