للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتدنى أردنيل فِي جمَاعَة من أَصْحَابه كَذَلِك بعد أَن أمربضرب خباء صَغِير يَجْتَمِعَانِ بِهِ وَتقدم أردنيل على الخباء بِكَثِير لملاقاة الْمولى الْعَبَّاس وإظهارا للأدب مَعَه فتلاقى بِهِ وعادا إِلَى الخباء وَحضر مَعَهم الترجمان ورجلان آخرَانِ وأبرموا الصُّلْح وَأعْطى كل خطّ يَده بذلك وانفصلوا وَذهب كل إِلَى مَحَله وَكَانَ ذَلِك آخر حَرْب بَين الْمُسلمين والإصبنيول وَلما وصل الْخَبَر بانعقاد الصُّلْح إِلَى عَسْكَر النَّصَارَى فرحوا فَرحا لم يعْهَد مثله وَجعلُوا ينادون الباص الباص أَي الصُّلْح الصُّلْح ودخلوا تطاوين وهم رافعون بهَا أَصْوَاتهم وَكلما لقوا مُسلما هشوا لَهُ كَأَنَّهُمْ يهنئونه بِالصُّلْحِ وَكَانَ الصُّلْح قد انْعَقَد بَين الْمُسلمين والإصبنيول على شُرُوط مِنْهَا أَن يدْفع السُّلْطَان إِلَيْهِم عشْرين مليونا من الريال ويخرجوا من تطاوين وَمَا استولوا عَلَيْهِ من الأَرْض الَّتِي بَينهَا وَبَين سبتة إِلَّا شَيْئا يَسِيرا يُزَاد لَهُم فِي المحدة على سَبِيل التَّوسعَة وَكَانَ انْعِقَاد هَذَا الصُّلْح فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف وتراخى السُّلْطَان رَحمَه الله فِي دفع هَذَا المَال فاستمر الْعَدو مُقيما بتطاوين حَتَّى يَسْتَوْفِيه وَبعد سنة من يَوْم هَذَا الصُّلْح استوفى عشرَة ملايين مِنْهُ وَبقيت عشرَة وَقع الِاتِّفَاق فِيهَا على أَن يقتضيها الْعَدو من مُسْتَفَاد مراسي الْمغرب فَأَقَامَ أمناءه بهَا لاقْتِضَاء نصف دَاخل كل شهر مِنْهَا وهم الْآن بِهَذَا الْحَال وَالله تَعَالَى يَكْفِي الْمُسلمين شرهم وَشر كل شَرّ وَبعد مَا وَقع هَذَا الِاتِّفَاق أسلم النَّصَارَى تطاوين إِلَى الْمُسلمين وَكَانَ خُرُوجهمْ مِنْهَا ضحوة يَوْم الْجُمُعَة الثَّانِي من ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف بعد أَن مَكَثُوا فِيهَا سنتَيْن وَثَلَاثَة أشهر وَنصفا ووقعة تطاوين هَذِه هِيَ الَّتِي أزالت حجاب الهيبة عَن بِلَاد الْمغرب واستطال النَّصَارَى بهَا وانكسر الْمُسلمُونَ انكسارا لم يعْهَد لَهُم مثله وَكَثُرت الحمايات وَنَشَأ عَن ذَلِك ضَرَر كَبِير نسْأَل الله تَعَالَى الْعَفو والعافية فِي الدّين وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلما فرغ السُّلْطَان رَحمَه الله من أَمر تطاوين جد فِي جمع الْعَسْكَر الْمُرَتّب على التَّرْتِيب الْمَعْهُود الْيَوْم وَكَانَ هَذَا السُّلْطَان أول من أحدثه من مُلُوك الْمغرب وَكَانَ إحداثه إِيَّاه فِي دولة أَبِيه رَحمَه الله بعد رُجُوعه

<<  <  ج: ص:  >  >>