للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَألف كَانَ الوباء بالمغرب بالقيء والإسهال المفرطين على نَحْو مَا وصفناه فِي السنين الْمَاضِيَة وَفِي زَوَال يَوْم الْأَحَد الْحَادِي عشر من جُمَادَى الأولى من السّنة الْمَذْكُورَة توفّي قَاضِي سلا الْفَقِيه الْعَلامَة الْوَرع أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ بن أَحْمد بن مَنْصُور وَدفن بالجبانة الْمُتَّصِلَة بضريح الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس بن عَاشر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَت لهَذَا القَاضِي سيرة حَسَنَة وَعدل فِي الْأَحْكَام وتأن فِيهَا مَعَ سمت ومروءة وانقباض رَحمَه الله وَبقيت سلا بِلَا قَاض أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى وَقع اخْتِيَار السُّلْطَان على شَيخنَا الْفَقِيه الْعَلامَة القَاضِي سَيِّدي أبي بكر ابْن الْفَقِيه الْعَلامَة القَاضِي سَيِّدي مُحَمَّد عواد رحم الله الْجَمِيع

وَفِي هَذِه السّنة أَمر السُّلْطَان رَحمَه الله بِضَرْب الدِّرْهَم الشَّرْعِيّ وحاول ضبط السِّكَّة بِهِ وَحمل النَّاس على أَن لَا يذكرُوا فِي معاملاتهم وأنكحتهم وَسَائِر عقودهم إِلَّا الدِّرْهَم الشَّرْعِيّ وشدد فِي ذَلِك وَكتب فِيهِ إِلَى وُلَاة الْأَمْصَار يَقُول فِي كِتَابه مَا نَصه وَبعد فَإِن أَمر السِّكَّة من الْأُمُور الْوَاجِبَة الْمُتَعَيّن رد البال إِلَيْهَا والاهتمام بشأنها وَالنَّظَر فِيمَا يصدر بِسَبَبِهَا من النَّفْع وَالضَّرَر للْمُسلمين وَبَيت مَالهم وَقد كَانَ أسلافنا رَحِمهم الله اعتنوا كثيرا بشأنها وبضبط مصالحها وَدفع مفاسدها وجعلوها على قدر شَرْعِي مَعْلُوم لضبط أمرهَا والتبرك بِتِلْكَ النِّسْبَة إِذْ بذلك يعلم الْمُسلم علم يَقِين كَمَال النّصاب عِنْده فَتجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة الَّتِي هِيَ من دعائم الْإِسْلَام أَو عدم كَمَاله فَلَا يكون مُخَاطبا فِي بِشَيْء وَلما رَأينَا مَا حدث فِيهَا من التَّغَيُّر وَعدم الضَّبْط وَنَشَأ عَن ذَلِك من الضَّرَر للْمُسلمين وَبَيت مَالهم مَا لم يخف على أحد اقْتضى نَظرنَا السديد ردهَا لأصلها الْأَصِيل الَّذِي أسسه أسلافنا الْكِرَام سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة وَألف أذلنا فيهم أُسْوَة حَسَنَة فِي الْإِجْمَال وَالتَّفْصِيل فَرددْنَا الدِّرْهَم الْكَبِير المسلوك على وزن الدِّرْهَم الشَّرْعِيّ والمنهاج المرعي كَمَا كَانَ على عهد جدنا سَيِّدي الْكَبِير قدسه الله وجدد عَلَيْهِ وابل رحماه بِحَيْثُ تكون عشرَة دَرَاهِم مِنْهُ هِيَ المثقال كَمَا هُوَ مَعْلُوم إِن عشرَة دَرَاهِم من الدَّرَاهِم الَّتِي كَانَت تروج قبل على عهد أسلاقنا رَحِمهم الله هِيَ المثقال وَبِهَذَا الْعدَد

<<  <  ج: ص:  >  >>