اهـ ثمَّ إِن السُّلْطَان أعزه الله قبض على عَامل فاس إِدْرِيس السراج وعَلى وَلَده واثنين آخَرين مَعَه من رُؤُوس الْفِتْنَة وغربهم إِلَى مراكش وَولى على فاس الْقَائِد الجياني بن حمو البُخَارِيّ أحد قواده واستقامت الْأَحْوَال
وَكَانَ مِمَّا قيل من الشّعْر فِي هَذِه الْوَقْعَة قَول صاحبنا الْفَقِيه الأديب أبي عبد الله مُحَمَّد بن نَاصِر حركات السلاوي حفظه الله
(لله ياتلك الَّتِي تأوي الفنا ... لَا تَنْقَضِي مَا كَانَ صبري قد بنى)
(كلا وَقد هيجت مني لوعة ... قد أوشكت فِي مهجتي أَن تهدنا)
(وأتيت موطن مصرع العشاق ثمَّ ... بَكَيْت حَتَّى كدت تبْكي الموطنا)
(لَو كَانَت الأجبال تعقل لانثنت ... تبْكي لما بك رأفة وتحننا)
(فَبِأَي رَأْي يَا حميمة قد غَدا ... مِنْك البكا عوض الترنم والغنا)
(وَبِأَيِّ ذَنْب قد فجعت قُلُوبنَا ... وسقيتنا كأس الأسى بدل الهنا)
(أَو مَا كَفاك من المتيم مهجة ... مَا شَأْنهَا إِلَّا معاناة العنا)
(صب لَهُ فِي كل يَوْم عِبْرَة ... وتلهف يقتده قد القنا)
(كَيفَ اصْطِبَارِي والحبيب مصارمي ... والدهر مغرا بالوشاية بَيْننَا)
(دَعْنِي فعدلك للمتيم ضلة ... شَرّ عَلَيْهِ من مقاساة الضنا)
(تالله لارقأت لعَيْنِي عِبْرَة ... حَتَّى ترى وَجه المليك الأيمنا)
(الْيَد الشهم السّري الأصيد الفخم ... النَّهْي الباهي الْهمام الصيدنا)
(الْأَعْظَم المستعظم العذب الْحلِيّ المستعذب ... الْحسن الثنا المستحسنا)
(قد حَاز فِي الْأَشْرَاف كل فَضِيلَة ... مَلأ المسامع حسنها والأعينا)
(ومكارما ومحاسنا ومفاخرا ... لَو ذاق لذتها الكفور لآمَنَّا)
(فلذاك سيدنَا الْمُقَدّس خصّه ... بمآثر مَا تَنْتَهِي فتدونا)
(ورث الْخلَافَة كَابِرًا عَن كَابر ... لَا كَالَّذي يَأْتِي إِلَيْهَا ضعيفنا)
(عشقته عشق ابْن الملوح خذنه ... وصبت إِلَيْهِ صبا الْعُيُون إِلَى الرنا)
(وَله وَقد لبته قبل دُعَائِهِ ... أَلْقَت أزمتها وَقَالَت هَا أَنا)
(ملك بِهِ الْملك الْأَغَر تشيدت ... أَرْكَانه فِي الْعِزّ محكمَة الْبَنَّا)
(أضحى بِهِ يختال فخرا قَائِلا ... لسواك يَا ركن الورى لن أركنا)